وأجمع العلماء -رحمهم الله- على أن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد، ولو اشترك اثنان في شاة لم تقع عنهما. وعندهم خلاف في مسألة لو أنهما ذبحا على هذه الصفة على من تجزي؟ هل لأول مُسَمٍّ منهما أو للمالك الحقيقي على تفصيل عند العلماء؛ لأن هناك أحوالا أن يكون مشتركين استحقاقا كما في الشريكين أن يكونا مشتركين هدية يقول له: أشركك معي تبعا هذا كله فيه تفصيل لكن من حيث الأصل لو اشترك اثنان في شاة أو اشترك أكثر من واحد في شاة لا تجزي إلا عن الرجل نفسه، ولا تجزي عن أكثر من رجل إلا عن أهل بيته تبعا، وعلى هذا الأصل فيها عن الشخص نفسه، وهذا منصوص العلماء رحمهم الله في كتبهم أن الشاة لا تجزي إلا عن الرجل وحده. تجزي عن أهل بيته كزوجته وأولاده، فإذا كانت له أسرة ولو كانت كثيرة العدد فلو كان عنده أكثر من عشرة أولاد وكلهم في رعايته وهو الذي يقوم عليهم وهو الذي ينفق عليهم وهم تبع له وفي بيت واحد فإنه يضحي بشاة واحدة عنه وعن آله.
وأما بالنسبة للبقر والإبل فإن النبي - r- جعلهما عن سبعة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح أن الصحابة رضوان الله عليهم اشتركوا في الإبل عن سبعة، وكانت السبعة منهم ينحرون الجزور ويجزيهم.
قال رحمه الله: [والبدنة والبقرة عن سبعة]: كما ثبت في حديث جابر - t- وغيره وفي حديث أم المؤمنين عائشة في المسند وغيره عنها رضي الله عنها ((أن النبي r ضحى عن نسائه بالبقر)) فالبقر يحصل فيه التشريك بنوعيه، وهكذا الإبل.
قال رحمه الله: [ولا تجزئ العوراء البين عورها]: الاشتراك في التضحية وفي الهدي، فلو مثلا فرضنا أن سبعة أشخاص كل واحد منهم عليه دم فدية في الحج أو ذهبوا في عمرة ولزمتهم الفدية في حلق أو تقصير أو نتف شعر أو تغطية أو طيب أو نحو ذلك من الفدية فلزم كل واحد منهم دم أو أحرموا دون الميقات وهم سبعة فنقول لهم: اشتركوا في بعير على الصفة المعتبرة وانحروه عنكم، فحينئذ يجزئ عن السبعة، ولو أن سبع أسر أرادوا أن يشتركوا في أضحية فاجتمعوا واشتروا جزورا أجزأ هذا الجزور عن سبعة بيوت، وهكذا لو استطابوا البقر فأرادوا أن يأكلوا لحم البقر والحال يصعب أن أحدهم يشتري بقرة فقال نريد أن نشترك في سبعة في هذه البقرة فدفعوا ثمنها أجزأت أضحية عنهم.
إذًا الاشتراك سواء كان من الشخص في واجب أو في غير واجب.
كذلك أيضا ذكر بعض العلماء أن من وجبت عليه الفدية في سبعة أخطاء، أو مثلا تكررت على وجه لا تتداخل فيه في الأنواع، فقالوا لو أنه جاء بعمرة سبع مرات وهو يتخطى الميقات، ولا يحرم من الميقات عالما متعمدا؛ فلزمه الدم قالوا صح أن ينحر الجزور بمكة صدقة على أهل مكة؛ لأن الدم الواجب في جبران الواجبات في الحج يكون بمكة، فنحر بمكة جزورا أجزأه عن الإخلالات السبعة، فيحصل التشريك سواء عن الشخص نفسه فيما وجب عليه. شخص قال: والله أنا صعب علي أن أذبح سبع شياه أو وجد أن قيمة سبعة الشياه مثلا بثلاثة آلاف وخمسمائة أمكنه أن يشتري بقرة بألف ريال وهي بنفس الصفات المعتبرة أجزأته عن هذه الإخلالات.
هذا فيما يحصل فيه التداخل، ويحصل فيه التشريك. فالتشريك في الجزور سائغ على هذا الوجه، لكن لو أن أربعة أشخاص أرادوا عقيقة فكل واحد من الثلاثة مثلا ولد له ذكر والرابع منهم ولدت له أنثى فأرادوا أن ينحروا جزورا نقول: لا؛ لأن مقصود الشرع هنا بالعقيقة كما ذكر بعض الأئمة -رحمهم الله- بالدم نفسه شاتان متكافئتان عن الذكر وشاة عن الأنثى، وحينئذ لا يحصل التداخل ولا الاجتماع؛ لأنه يخالف مقصود الشرع، فيحصل التداخل والتشريك في الدماء الواجبة، ويحصل التداخل والتشريك في الأضحية، ويحصل التداخل والتشريك في اجتماع الاستحقاقات حتى ولو كان من شخص واحد أو أشخاص، فلو كان على أحدهم ثلاث فديات واجبة والآخر عليه أربعة، فدفع الأول الذي عليه ثلاث ثلاثة أسباع قيمة الجزور، ودفع الآخر أربعة أسباع القيمة مثلا كانت قيمة الجزور سبعمائة ريال فإنه يدفع الأول ثلاثة الأسباع ثلاثمائة والثاني يدفع أربعة أسباع أربعمائة، وينحران جزورا ويجزي عما يجب عليهما.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[06 - 03 - 07, 05:00 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل عن هذا الشيخ الفقيه الورع المبارك
أما حديث: (من وجد سعة فلم يضح، فلا يقربن مصلانا) .. قال عنه الإمام أحمد: منكر
واختلف في رفعه ووقفه، ورجح الوقف ابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق (2/ 498)، والمنذري في الترغيب والترهيب (2/ 161)، وقال الحافظ في البلوغ: (رجح الأئمة وقفه)، وقال في الفتح (10/ 5): (والموقوف أشبه بالصواب)، وهو من رواية عبد الله بن عياش بن عباس القتباني وليس معروفا بالثقة كما قال ابن حزم.
قلت: ألا يترجح بعدئذ أن الأضحية سنة مؤكدة يكره تركها لقادر، كما قال الجمهور:
* ( ... وأراد أحدكم أن يضحي)
* ( ... وعمن لم يضح من أمتي)
*ما صححه جماعة أن أبابكر وعمر لم يكونا يضحيان مخافة أن يتوهم فرضيتها.
قال ابن حزم: (لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة).
¥