[الهدى المنهاجي في القرآن الكريم]
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[24 - 09 - 07, 01:42 ص]ـ
[الهدى المنهاجي في القرآن الكريم]
للدكتور الشاهد البوشيخي
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، اللهم افتح لنا أبواب الرحمة وأنطقنا بالحكمة، واجعلنا من الراشدين فضلا منك ونعمة، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
موضوع هذه الكلمة أيها الأحبة هو: الهدى المنهاجي في القرآن الكريم. ومدارها على خمس نقط:
-1 النقطة الأولى في شدة حاجة الأمة اليوم إلى الهدى المنهاجي
- 2 النقطة الثانية: مفهوم الهدى المنهاجي
- 3 النقطة الثالثة: مصادر الهدى المنهاجي
- 4 النقطة الرابعة لوازم استنباط الهدى المنهاجي
- 5 النقطة الخامسة خاتمة في ضرورة التركيز في الدرس القرآني على الهدى المنهاجي.
شدة حاجة الأمة اليوم إلى الهدى المنهاجي:
أيها الأحبة أمتنا اليوم لها واقع ولها موقع جعلها الله تعالى في موقع علي هو الشهادة على الناس لأن النبي صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين وإمام المرسلين، لا نبي بعده، فمن يقوم بوظيفة البيان؟ ومن يقوم بوظيفة البلاغ؟ ون يقوم بوظيفة الإنذار؟ ومن يقوم بوظيفة الشهادة على الناس؟ كما قال الله عز وجل:" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" – البقرة 143 - ، فقد شهد صلى الله عليه وسلم، واشهد أمته في زمانه على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم فيما هو معلوم مشهور: " ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد"، بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن تشهد الأجيال عبر العصور حتى تقوم الساعة بنفس وظيفته صلى الله عليه وسلم، التي نهض بها وحده أولا، وتنهض بها الأمة جمعاء من بعده، عبر الأجيال كلها. أما الأمة اليوم فليست في هذا الموقع العلي، واقعها بعيد جدا عن هذا الموقع، فكيف تنتقل من هذا الموقع الأليم إلى ذلك الموقع العلي؟ ها هنا أمامنا كتاب ربنا، فيه كل الهدى اللازم لهذا الانتقال الفردي والجماعي، على مستوى وعلى الأمة جمعاء، هذا الكتاب فيه كل ما يلزم لهذا" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"، هذا هو الهدي، فيجب اتباع الهدى ليحصل الاهتداء، " يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام" أما الذي لم يتبع فلا هداية له.
الأمة اليوم في أشد وأمس الحاجة إلى هذا الهدى لتنتقل على كل المستويات، هي في حاجة إلى هذا الهدى على مستوى التفكير، تفكير الأفراد والجماعات والأمة جمعاء، هي في حاجة إلى هدى القرآن، لتنتقل من مستوى الاهتمام بما هي خائضة فيه الآن من التافهات – ولا بأس أن أعبر هكذا، فقد عشت اثنتين وستين سنة في هذا الوضع العام، أتفاعل معه ويتفاعل معي.
الأمة خائضة فيما لا ينبغي أن تخوض فيه، يجب ان ترتقي إلى المستوى الذي كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، يجب أن ترتقي إلى ذلك المستوى من الاهتمام، فتجعل الآخرة هي المبتغى، "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون"، هذه ليست هي الحياة، " يوم يتذكر الإنسان ما سعى يقول يا ليتني قدمت لحياتي يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى"، يوم يستيقظ حقا، نحن الآن في وضع السكارى، نحن غافلون، نحن نيام .. للأسف الشديد، لا بد من الاستيقاظ، والاستيقاظ يقتضي أن نعلم علم اليقين أن هذه ليست هي الحياة، قد سمها الله الحياة الدنيا، ليست هي الحياة، لأن الحياة الحقيقية لا موت فيها، " لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى" سبق قبل، تلك هي الحياة، وتلك هي التي ينبغي أن تحركنا في الصغيرة والكبيرة، عندما شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، حال الأمة في مثل حالنا اليوم، شخصها بمرض إسمه الوهن، " قيل وما الوهن يا رسول الله. قال: حب الدنيا وكراهية الموت"، الارتباط بالدنيا، الاقتصار في الهم على الدنيا، حبس كل الهموم والطاقات والنفقات .. في تحصيل الدنيا، ليس هذا الوضع الصحيح الذي للمسلمين، المسلمون في حقيقته أخرويون، وليسوا دنيويين، قال الله تعال: " وابتغي فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصبك في الدنيا"، فإذا اسرفت في طلب الآخرة إذاك يقال لك، " ولا تنسى نصيبك من الدنيا"، أما الابتغاء فهو للآخرة، لا لسواها.
¥