تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال مجاهد، والحسن، والسدي: ودلائل في أنفسهم، قالوا: وقعة بَدْر، وفتح مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حَلّت بهم، نصر الله فيها محمدا وصحبه، وخذل فيها الباطل وحِزْبَه.

ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى. وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة، من حسن وقبيح وبين ذلك، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله، وقوته، وحِيَله، وحذره أن يجوزها، ولا يتعداها،

-قال الماوردي-رحمه الله-:

قوله عز وجل: {سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ} فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أن في الآفاق فتح أقطار الأرض، وفي أنفسهم فتح مكة، قاله السدي.

الثاني: في الآفاق ما أخبر به من حوادث الأمم، وفي أنفسهم ما أنذرتهم به من الوعيد.

الثالث: أنها في الآفاق آيات السماء وفي أنفسهم حوادث الأرض.

الرابع: أنها في الآفاق إمساك القطر عن الأرض كلها وفي أنفسهم البلاء الذي يكون في أجسادهم، قاله ابن جريج.

الخامس: أنها في الآفاق انشقاق القمر، وفي أنفسهم كيف خلقناهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة، وكيف إدخال الطعام والشراب من موضع واحدٍ وإخراجه من موضعين آخرين، قاله الضحاك.

-قال الثعالبي-رحمه الله-:

ثم أمر تعالى نبيَّهُ أنْ يوقِّف قريشاً على هذا الاحتجاج، وموضع تغريرهم بأنفسهِم، فقال: {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله}، وخالفتموه ألستم على هلكة؟ فمن أَضَلَّ مِمَّنْ يبقى على مِثْلِ هذا الغَرَرِ مَعَ اللَّهِ؛ وهذا هو الشِّقَاقُ؛ ثم وعد تعالى نَبِيَّهُ عليه السلام بأَنَّهُ سَيُرِي الكُفَّارَ آياته، واختلف في معنى قوله سبحانه: {فِى الأفاق وَفِى أَنفُسِهِمْ} فقال المِنْهَالُ والسُّدِّيُّ وجماعةٌ: هو وَعْدٌ بما يفتحه اللَّه على رسوله من الأقطارِ حَوْلَ مَكَّةَ، وفي غيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَرْضِ؛ كخَيْبَرَ ونحوها {وَفِى أَنفُسِهِمْ}: أراد به فَتْحَ مَكَّةَ؛ قال * ع *: وهذا تأويلٌ حَسَنٌ، يتضمَّن الإعلام بِغَيْبٍ ظَهَرَ بَعْدَ ذلك، وقال قتادةُ والضَّحَّاكُ {سَنُرِيهِمْ ءاياتنا فِى الأفاق}: هو ما أصاب الأُمَمَ المُكَذِّبَةَ في أقطار الأرض قديماً، {وَفِى أَنفُسِهِمْ}: يوم بدر، والتأويلُ الأَوَّلُ أرْجَحُ، واللَّه أعلم، والضمير في قوله تعالى: {أَنَّهُ الحق} عائد على الشرع والقرآن فبإظهار اللَّهِ نَبِيَّهُ وفتحِ البلاد عليه يتبيَّن لهم أَنَّه الحَقُّ.

-قال القرطبي-رحمه الله-:

قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق} أي علامات وحدانيتنا وقدرتنا «فِي الآفَاقِ» يعني خراب منازل الأمم الخالية {وفي أَنفُسِهِمْ} بالبلايا والأمراض. وقال ابن زيد: «فِي الآفَاقِ» آيات السماء «وَفِي أَنْفُسِهِمْ» حوادث الأرض. وقال مجاهد: «فِي الآفَاقِ» فتح القرى؛ فيسر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وللخلفاء من بعده وأنصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عموماً، وفي ناحية المغرب خصوصاً من الفتوح التي لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم، ومن الإظهار على الجبابرة والأكاسرة وتغليب قليلهم على كثيرهم، وتسليط ضعفائهم على أقويائهم، وإجرائه على أيديهم أموراً خارجة عن المعهود خارقة للعادات «وَفِي أَنْفُسِهِمْ» فتح مكة. وهذا اختيار الطبري. وقاله المنهال بن عمرو والسدي. وقال قتادة والضحاك: «فِي الآفَاقِ» وقائع الله في الأمم «وَفِي أَنْفُسِهِمْ» يوم بدر. وقال عطاء وابن زيد أيضاً «فِي الآفَاقِ» يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها.

-قال أبو حيان-رحمه الله-:

ثم توعدهم بما هو كائن لا محالة فقال: {سنريهم آياتنا في الآفاق}.

قال أبو المنهال، والسدي، وجماعة: هو وعيد للكفار بما يفتحه الله على رسوله من الأقطار حول مكة، وفي غير ذلك من الأرض كخيبر.

{وفي أنفسهم}: أراد به فتح مكة، وتضمن ذلك الإخبار بالغيب، ووقع كما أخبر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير