1 - إطلاق الآية: ?وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ? [البقرة: من الآية222]، وإطلاق الأخبار عن النبي ? ().
2 - حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن الرسول ? قال: "إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف" () فقد أطلق، ولم يفصل بين الحامل والحائل ().
3 - ما روي عن عائشة: أنها سئلت عن الحامل ترى الدم اتصلي؟ قالت: "لا تصلي حتى يذهب عنها الدم" ().
4 - لأنه دم في أيام العدة بصفة الحيض وعلى قدرة، فجاز أن يكون حيضًا، كدم الحامل والمرضع ().
استدل القائلون بأن ما تراه الحامل ليس دم حيض بالأدلة التالية:
1 - حديث أبي سعيد الخدري أن النبي ? قال: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة" ()، فجعل وجود الحيض علمًا على براءة الرحم، فدل ذلك على أنه لا يجتمع معه ()، ولو قلنا: الحامل تحيض لبطلت دلالته ()؛ لأنه لا يكون حينها للتفريق بين الحامل والحائل معنى.
2 - حديث سالم عن أبيه: أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي ? فقال: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً" (). فجعل الحمل علمًا على عدم الحيض كما جعل الطهر علمًا على الحيض ().
قال الإمام أحمد "فأقام الطهر مقام الحمل". والله عز وجل يقول: ? فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ? [الطلاق: من الآية1].
أي بالطهر في غير جماع (). وحيث قال عليه الصلاة والسلام: "ليطلقها طاهرًا أو حاملاً"، فإنه أجاز له الطلاق في كل أوقات الحمل، واعتبار الحامل تحيض يتعارض مع هذا الجواز.
رد القائلين بأن الحامل لا تحيض على الفريق الآخر:
1 - أما استدلالهم بحديث فاطمة: (فإنه أسود يعرف)، وأنه دم في أيام العادة وعلى قدره، مع وقوع ذلك ونكرره، فيرد عليه من وجوه:
أ- أنكم تقرون أن دم الاستحاضة في الغالب أحمر رقيق مشرق، وربما تغير دم الحيض إلى الحمرة، ودم الاستحاضة إلى السواد ()، ولا يمنع أن يكون الحيض موصوفًا بهذه الصفة مع السلامة. وأنكم رجعتم إلى التفريق بينهما: بأن دم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من العاذل، وأنكم تعتبرون – أي الشافعية – الدم إن نقص عن يوم وليلة أو زاد عن خمسة عشر، دم استحاضة وفساد، وإن كانت صفة الحيض، فليست الصفة الظاهرة إذًا دليلاً كافيًا للحكم بأنه حيض.
ب- ليس الوقوع دليلاً كافيًا للحكم بأنه حيض. وإن كان الدكتور محمد البار قد ذكر أن خمس نساء من كل ألف امرأة يحضن في الأشهر الأولى للحمل، فهذا حيض كاذب؛ لأنه في ضوء المعطيات الطبية لا يصح اعتباره حيضًا؛ لاختلاف طبيعة الرحم بين الحامل وغير الحامل. بالإضافة لتعدد أسباب نزول الدم على الحامل، ومنها:
1 - نزيف لعدة أسباب مرضية.
2 - الحمل خارج الرحم، ويكون عادة مصحوبًا بآلامك في البطن، وهبوط الضغط، وهي حالة تستدعي جراحة فورًا.
3 - الرحى الغددية (الحمل العنقودية): وهو غير طبيعي، وهو عبارة عن كتل من الخلايا لها قدرة على الانتشار داخل الرحم، وذو خطورة على حياة الأم، ويجب التخلص من هذا الحمل بأسرع وقت يمكن، حفاظًا على صحة الأم ().
1 - وأما استدلالهم بما روي عن عائشة: "أن المرأة إذا رأت الدم إنها لا تصلي".
فيجاب عنه: بأنه قد وردت روايات كثيرة عنها رضي الله عنها: إن الحامل لا تحيض، وأنها تغتسل وتصلي، وقد وجّه ابن قدامة هذه الروايات: بأنه يحمل قولها على الحبلى التي قاربت الوضع جمعًا بين قوليها. فإن الحامل إذا رأت الدم قريبًا من ولادتها، فهو نفاس تَدَعُ له الصلاة ().
الرأي الراجح:
بعد استعراض رأي الفريقين وأدلتهم والاستناد إلى الأبحاث الطبية الحديثة، يتبين صحة رأي القائلين بأن الحامل لا تحيض، فما تراه من دم هو دم فساد وعلة. ففي العلم البيولوجي يطلقون عليه الحيض الكاذب، حتى لو كان في موعده، ويحيل نزول الدم إلى أسباب عصبية وظيفية فحسب ().
وإن النظر العميق في الأدلة الثابتة الصحيحة يؤكد أن الحمل نفيض للحيض، فهما لا يلتقيان. وإن الدماء التي قد تنزل على المرأة أثناء حملها تتنوع أسباب المرضية، وإن كان ظاهرها أنه دم وافق عادة المرأة قبل حملها.
المبحث الثاني: صلاة الحامل:
أجمع أهل العلم على أن الصلوات الخمس تجب على الذكور والإناث من المسلمين. ومنهم المرأة الحامل بشرط أن يكونوا بالغين عاقلين.
¥