لذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ? وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً? "إذا حملت تسعة أشهر، أرضعت إحدى وعشرين شهرًا، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرًا" ().
وقد وردت روايات كثيرة في شأن أقل الحمل، عن عثمان وعلي، وعن عثمان وابن عباس، كما وردت مثلها عن عمر وابن عباس، وعن عمر وعلي، رضي الله عنهم جميعًا، وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك ().
رأي الطب:
وافق الطب رأي الفقهاء وإجماع الصحابة في اعتبار أقل مدة يمكن أن يعيش فيها المولود بعد ولادته، هي بعد حملة ستة أشهر كاملة.
وفي مقابلة مع الدكتور محي الدين كحالة أكد أن أقل مدة للحمل يمكن أن يولد فيها المولود تام الخلقة هي ستة أشهر (). كما أكد الدكتور أحمد ترعاني ذلك، وأضاف أن الطفل يحتاج إلى حاضنة خاصة لكي يتمكن من العيش بعد إذن الله ().
تفاوتت آراء الفقهاء في أكثر مدة الحمل، التي يمكن أن يستمر معها الحمل إلى أن يولد حيًا على أقوال عدة:
القول الأول: إنه قد يستمر إلى أربع سنين. وهو قول الشافعي والحنابلة في ظاهر مذهبهم ورواية عن مالك ().
القول الثاني: إن أقصى الحمل سنتان. وهو مذهب الحنفية، والمزني من الشافعية ().
القول الثالث: إن أقصى مدة الحمل تسعة أشهر. وهذا رأي ابن حزم والظاهرية ().
الأدلة:
استدل القائلون بأن أكثر الحمل أربع سنين بما يلي:
1 - أن كل ما احتاج إلى تقدير حد إذا لم يتقدر بشرع ولا لغة. كان مقداره بالعرف الوجود، كالحيض والنفاس وقد وجد مرارًا حمل وضع لأربع سنين ().
وروي المبارك بن مجاهد قال مشهور عندنا، كانت امرأة محمد بن عجلان تحمل، وتضع في أربع سنين، فكانت تسمى حاملة الفيل ().
وأما الأحناف والمزني فاستدلوا بما يلي:
قول عائشة: "لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين، ولو بفركة مغزل". وذلك لا يعرف إلا توقيفًا إذ ليس للعقل فيه مجال، فكأنها روته عن النبي " ().
دليل ابن حزم:
يقول ابن حزم: "ولا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، ولا أقل من ستة أشهر، لقول الله تعالى: ? وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً? [الاحقاف: من الآية15] وقال تعالى: ? وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ? [البقرة: من الآية233] فمن ادعى أن حملاً وفصالاً يكون في أكثر من ثلاثين شهرًأن فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهارًا ().
المناقشة:
أما استدلال الحنفية بقول عائشة، فأجاب عنه ابن حزم بأن في إسناده عن عائشة، جميلة بنت سعد، مجهولة لا يدري من هي، فبطل هذا القول ().
رأي الطب:
يؤكد الدكتور محمد علي البار أن الحمل قد يتأخر على الرغم من ضبط الحساب إلى شهر كامل. وغلا لمات الجنين في بطن أمه .. ويعتبر الطب ما زاد عن ذلك نتيجة خطأ في الحساب ().
كما يؤكد الدكتور أحمد ترعاني. اختصاصي النسائية والتوليد. أن الحمل قد يصل إلى عشرة شهور، ولا يزيد على ذلك؛ لأن المشيمة التي تغذي الجنين تصاب بالشيخوخة بعد الشهر التاسع، وتقل كمية الأوكسجين والغذاء المارين من المشيمة إلى الجنين فيموت الجنين ().
كما يؤكد الدكتور محي الدين كحالة () – اختصاصي النسائية والتوليد – حقيقة أن الحمل عشرة أشهر في أقصى مدة يستمر إليها، بل إن الأطباء يولّدون المرأة الحامل بالطرق الاصطناعية بعد تجاوز الحمل أسبوعين عن التسعة أشهر، لوصول الجنين إلى مرحلة الخطر.
كما أن المرأة قد تنقطع عنها الدورة الشهرية لأسباب عديدة، منها ما هو فسيولوجي أو صحي، من ذلك اضطراب الحالة النفسية عند بعض المصابات بأعصاب القلق ونحوه ().
ومن ذلك أيضًا الحمل الكاذب، فإن المرأة تحس بجميع أعراض الحمل، ولكن يتبين بالكشف الطبي أنه حمل كاذب، فتعاني المرأة من انقطاع الحيض، كما تحس المرأة، وكأن هناك حركة جنين في بطنها، وهي في الحقيقة ليست إلا حركة الأمعاء داخل المبيض.
وقد يحدث لإحدى هؤلاء الواهمات بالحمل الكاذب الذي تتصور أنه بقي في بطنها سنينًا. قد يحدث أن تحمل فعلاً، فتضع طفلاً في فترة حمله، ولكنها نتيجة وهمها وإيهامها من حولها من قبل، تتصور أنها قد حملته لمدة ثلاث أو أربع سنوات ().
الراجح:
¥