تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووجد الدلالة من الآية أن الإنسان مكون من النطقة الملقحة من أبويه، فهما أولى به.

من هي الأم في هذه الصورة؟

وأما الأم في هذه الصور الثلاث، إذا كانت المرأة التي حملت وولدت من بويضة امرأة أخرى، فقد انقسم العلماء في هذه المسألة إلى ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أن الأم الحقيقية هي صاحبة البويضة. وأما صاحبة الرحم الظئر التي حملته وولدته، فهي أمُّ مثل أم الرضاع؛ لأنه اكتسب من جسمها وعضويتها أكثر مما يكتسب الرضيع من مرضعته في نصاب الرضاع، الذي يحرم به ما يحرم من النسب، وقال به بعض العلماء.

الرأي الثاني: أن الأم الحقيقية هي التي حملت وولدت، وأما صاحبة البويضة، فهي مثل أم الرضاع.

وقال بذلك أغلبية الفقهاء الذين تحدثوا في هذه الموضوع في مجالس مجمع الفقه الإسلامي ().

ومن أدلة هذا الرأي قوله تعالى: ? إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ? [المجادلة: من الآية2]، وهذا نص قطعي الثبوت والدلالة، سيما أنه جاء على صيغة الحصر ().

الرأي الثالث: ليست إحداهما أمًا للولد؛ لأنه قد انقطعت الصلتان معًا عنهما، حيث انفصمت إحدى الصلتين قطعًا، وهي "البويضة" عمن ولدته، وانفصمت الصلة الثانية للأم، وهي "الحملة والولادة" عن صاحبة البويضة ().

الراجح:

يميل الباحث إلى ترجيح رأي الدكتور بكر أبو زيد في عدم اعتبار أي من المرأتين، أمًا بالنسب للمولود. ولكن الباحث يرجِّح أن كلا المرأتين مثل أم الرضاع؛ لأنه تكوّن من البويضة الأولى واكتسب من الثانية.

وأما الأدلة التي قدّمها أصحاب القولين الأول والثاني فهي قاصر لكل منهما، حيث إن للمولود بأمه صلتان:

الأولى: صلة تكوين ووراثة، "البويضة" منها.

الثانية: صلة حمل وولادة وحضانة، وأصلها "الرحم" منها ().

وليس دليلاً قاطعًا أنه يجوز أن تكون الأمومة الشرعية لأحدهما دون الآخر، وليس قوله تعالى: ? إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ?، نصًا قطعي الدلالة؛ لأن في دلالته اختلاف، فما تلده ليس من رحمها إنشاءً وانتهاءً، بل هو من رحمها انتهاءً فقط بحمله فيه، وأما البويضة فمن غيرها.

الفصل الثالث

عقوبة المرأة الحامل

مدخل إلى الفصل:

إن تنفيذ العقوبات الممنوع على الحامل هو ما يضر بالحمل، فإن أمكن معاقبة الحامل على مخالفتها بحيث تقع العقوبة حال الحمل، بدون أن يسري أذى العقوبة إلى الجنين فيجوز ذلك، وإن لم يكن إقامة العقوبة عليها إلا بالإضرار بالجنين، فيجب التأخير إلى أن تضع.

المبحث الأول: العقوبات اللازم تأخيرها عن الحامل إلى الوضع:

أولاً: الحدود:

لا خلاف بين العلماء أنه لا يقام الحد على المرأة الحامل، سواء كان الحمل من زنا أو غيره، وسواء وجبت العقوبة قبل الحمل أو بعده ().

ويشمل ذلك الحدود كلها كالرحم والجلد والقطع، وعلة ذلك الحفاظ على حياة الجنين؛ لئلا يهلك بتنفيذ الحد على أمه.

ومستند ذلك: حديث بريدة رضي الله عنه في رجم المرأة الغامدية التي زنت: "قالت: يا رسول الله طهّرني فقال: (ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه)، فقالت: أراك تريد أن تردّني كما رددت ماعز بن مالك. قال: (وما ذاك؟)، قالت: إنها حبلى من الزنى. فقال: (أنت؟)، قالت: نعم فقال لها: (حتى تضعي ما في بطنك). قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت. قال: فأتى النبي ? فقال: قد وضعت الغامدية. فقال: (إذاً لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه)، فقام رجل من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله قال: (فرجمها") ().

قال الإمام النووي في شرحه لحديث الغامدية هذا: "فيه أنه لا ترجم الحبلى حتى تضع سواء كان حملها من زنا أو غيره، وهذا مجمع عليه؛ لئلا يقتل جنينها، وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل، لم تجلد بالإجماع حتى تضع" ().

ثانيًا: القصاص:

وكما لا يجوز تنفيذ العقوبة على الحامل التي أصابت الحد حتى تضع، فكذلك لا يجوز أن يقتص منها. قال ابن رشد: "أجمعوا على أن الحامل إذا قَتَلتْ عمدًا، أنه لا يقاد منها حتى تضع حملها" ().

وسواء في منع القصاص منها قبل وضعها أن تكون حاملاً وقت الجناية أو حملت بعدها قبل الاستيفاء، وسواء كان القصاص في النفس أو في الطرف ().

واستدلوا على ذلك بالأدلة التالية:

أولاً: القصاص في النفس:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير