يقول ابن حزم: "ولا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، ولا أقل من ستة أشهر، لقول الله تعالى: ? وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً? [الاحقاف: من الآية15] وقال تعالى: ? وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ? [البقرة: من الآية233] فمن ادعى أن حملاً وفصالاً يكون في أكثر من ثلاثين شهرًأن فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهارًا ().
المناقشة:
أما استدلال الحنفية بقول عائشة، فأجاب عنه ابن حزم بأن في إسناده عن عائشة، جميلة بنت سعد، مجهولة لا يدري من هي، فبطل هذا القول ().
رأي الطب:
يؤكد الدكتور محمد علي البار أن الحمل قد يتأخر على الرغم من ضبط الحساب إلى شهر كامل. وغلا لمات الجنين في بطن أمه .. ويعتبر الطب ما زاد عن ذلك نتيجة خطأ في الحساب ().
كما يؤكد الدكتور أحمد ترعاني. اختصاصي النسائية والتوليد. أن الحمل قد يصل إلى عشرة شهور، ولا يزيد على ذلك؛ لأن المشيمة التي تغذي الجنين تصاب بالشيخوخة بعد الشهر التاسع، وتقل كمية الأوكسجين والغذاء المارين من المشيمة إلى الجنين فيموت الجنين ().
كما يؤكد الدكتور محي الدين كحالة () – اختصاصي النسائية والتوليد – حقيقة أن الحمل عشرة أشهر في أقصى مدة يستمر إليها، بل إن الأطباء يولّدون المرأة الحامل بالطرق الاصطناعية بعد تجاوز الحمل أسبوعين عن التسعة أشهر، لوصول الجنين إلى مرحلة الخطر.
كما أن المرأة قد تنقطع عنها الدورة الشهرية لأسباب عديدة، منها ما هو فسيولوجي أو صحي، من ذلك اضطراب الحالة النفسية عند بعض المصابات بأعصاب القلق ونحوه ().
ومن ذلك أيضًا الحمل الكاذب، فإن المرأة تحس بجميع أعراض الحمل، ولكن يتبين بالكشف الطبي أنه حمل كاذب، فتعاني المرأة من انقطاع الحيض، كما تحس المرأة، وكأن هناك حركة جنين في بطنها، وهي في الحقيقة ليست إلا حركة الأمعاء داخل المبيض.
وقد يحدث لإحدى هؤلاء الواهمات بالحمل الكاذب الذي تتصور أنه بقي في بطنها سنينًا. قد يحدث أن تحمل فعلاً، فتضع طفلاً في فترة حمله، ولكنها نتيجة وهمها وإيهامها من حولها من قبل، تتصور أنها قد حملته لمدة ثلاث أو أربع سنوات ().
الراجح:
بعد استعراض آراء الفقهاء، ووضوح أن مستندها الواقع، والذي قد تبين من خلال كلام الأطباء المحدثين أن غير دقيق، بل هو وهم ناتج عن أسباب عديدة فسيولوجية أو صحية، كالرضاع أو الحمل الكاذب، يتبين أن أقصى مدة يمكن أن يستمر إليها الحمل هي عشرة أشهر. وهذا قريب من كلام ابن حزم ومن قال برأيه من فقهائنا السابقين.
قال الدكتور محمد علي البار: "وينبغي أن ينبه من يدرسون في كتب الفقه على استحالة حدوثي هذا الحمل الطويل الممتد سنينًا، وأنه نتيجة لوهم الأم الراغبة في الإنجاب في أغلب الحالات، أو من اختراع القصاص وأساطيرهم والمشكلة أن المرأة قد تلد بعد وفاة زوجها، أو بعد طلاقها منه بعدة سنوات، فيحكم لها الفقهاء بأن الولد للفراش، وينسبون الولد لزوجها المتوفي عنها بعد سنوات، أو الذي طلقها قبل عدة سنوات" ().
قال الدكتور عمر الأشقر: "وقد بالغ القانون في الاحتياط مستندًا إلى بعض الآراء الفقهية بجانب الرأي العلمي، فجعل أقصى مدة الحمل سنة" ().
ويرى الباحث أن تحلف المرأة الحامل اليمين في حالة إثبات النسب للزوج المتوفي أو المطلّق، إذا تجاوزت مدة الحمل عشرة أشهر إلى السنة؛ لأن ذلك من الحالات النادرة، والتي يشك الطب في وقوعها ما لم يكن متابعًا للحمل من بدايته، ولذلك يجب الاحتياط في إثبات النسب للمتوفي أو المطلّق بيمين الزوجة، والله أعلم.
المطلب الثاني: شروط انتهاء العدة بوضع الحمل لانتهاء العدة بوضع الحمل شرطان:
الشرط الأول: أن يكون الحمل منسوبًا إلى صاحب العدة. إما ظاهرًا وإما احتمالاً، كابن الملاعنة، ولو لم يستلحقه، كما إذا لاعنها ولم تلاعنه ومات أو طلقها. وقد اشترط هذا الشرط الأئمة الأربعة ().
الشرط الثاني: وضع جميع الحمل. وذلك باتفاق الأئمة الأربعة؛ أن الحمل اسم لجميع ما في البطن ()؛ ولأن العدة شرعت لمعرفة البراءة من الحمل، فإذا علم وجود الحمل فقد تيقن وجود الموجب للعدة وانتفت البراءة ().
الحمل الذي تنقضي العدة بوضعه:
¥