تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس دليلاً قاطعًا أنه يجوز أن تكون الأمومة الشرعية لأحدهما دون الآخر، وليس قوله تعالى: ? إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ?، نصًا قطعي الدلالة؛ لأن في دلالته اختلاف، فما تلده ليس من رحمها إنشاءً وانتهاءً، بل هو من رحمها انتهاءً فقط بحمله فيه، وأما البويضة فمن غيرها.

الفصل الثالث

عقوبة المرأة الحامل

مدخل إلى الفصل:

إن تنفيذ العقوبات الممنوع على الحامل هو ما يضر بالحمل، فإن أمكن معاقبة الحامل على مخالفتها بحيث تقع العقوبة حال الحمل، بدون أن يسري أذى العقوبة إلى الجنين فيجوز ذلك، وإن لم يكن إقامة العقوبة عليها إلا بالإضرار بالجنين، فيجب التأخير إلى أن تضع.

المبحث الأول: العقوبات اللازم تأخيرها عن الحامل إلى الوضع:

أولاً: الحدود:

لا خلاف بين العلماء أنه لا يقام الحد على المرأة الحامل، سواء كان الحمل من زنا أو غيره، وسواء وجبت العقوبة قبل الحمل أو بعده ().

ويشمل ذلك الحدود كلها كالرحم والجلد والقطع، وعلة ذلك الحفاظ على حياة الجنين؛ لئلا يهلك بتنفيذ الحد على أمه.

ومستند ذلك: حديث بريدة رضي الله عنه في رجم المرأة الغامدية التي زنت: "قالت: يا رسول الله طهّرني فقال: (ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه)، فقالت: أراك تريد أن تردّني كما رددت ماعز بن مالك. قال: (وما ذاك؟)، قالت: إنها حبلى من الزنى. فقال: (أنت؟)، قالت: نعم فقال لها: (حتى تضعي ما في بطنك). قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت. قال: فأتى النبي ? فقال: قد وضعت الغامدية. فقال: (إذاً لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه)، فقام رجل من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله قال: (فرجمها") ().

قال الإمام النووي في شرحه لحديث الغامدية هذا: "فيه أنه لا ترجم الحبلى حتى تضع سواء كان حملها من زنا أو غيره، وهذا مجمع عليه؛ لئلا يقتل جنينها، وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل، لم تجلد بالإجماع حتى تضع" ().

ثانيًا: القصاص:

وكما لا يجوز تنفيذ العقوبة على الحامل التي أصابت الحد حتى تضع، فكذلك لا يجوز أن يقتص منها. قال ابن رشد: "أجمعوا على أن الحامل إذا قَتَلتْ عمدًا، أنه لا يقاد منها حتى تضع حملها" ().

وسواء في منع القصاص منها قبل وضعها أن تكون حاملاً وقت الجناية أو حملت بعدها قبل الاستيفاء، وسواء كان القصاص في النفس أو في الطرف ().

واستدلوا على ذلك بالأدلة التالية:

أولاً: القصاص في النفس:

1 - لقوله تعالى: ? وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ? [الاسراء:33] وقتل الحامل قتل لغير القاتل. وهو الجنين فيكون إسرافًا ().

2 - حديث بريدة في رجم الغامدية، وفي أن النبي ? ردها وقال لها: (حتى تضعي ما في بطنك). قال الإمام النووي: "فيه أن من وجب عليها القصاص وهي حامل، لا يقتص منها حتى تضع، وهذا مجمع عليه" ().

والعلة الجامعة في التأخير إلى الوضع، هي الحفاظ على حياة الحمل خوف هلاكه.

ثانيًا: القصاص في الطرف:

إن كان الغالب تضرر الحمل بالقصاص في الطرف، فلا يقتص م المرأة الحامل لما يلي:

القياس: لأن استيفاء القصاص خشية السراية إلى الجاني أو إلى في حقه ممنوع، فلأن تمنع منه خشية السرايا إلى غير الجاني. وهو الحمل. بتفويت نفس معصومة أولى وأحرى ().

متى تستوفي العقوبة على الحامل بعد الوضع؟

أولاً: في الحدود:

أ*- الرجم: اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: لا يستوفي الرجم من المرأة المحصنة إذا كانت حاملاً بعد الوضع مباشرة، حتى ترضعه هي، وإن وجدت له مرضعة، وإذا انقضى الإرضاع لم يستوف أيضًا حتى يوجد للطفل كافل. وهذا مذهب الشافعية ().

القول الثاني: يقام الحد بالرجم على المرأة المحصنة إذا كانت حاملاً بعد الوضع مباشرة ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير