(أن تقلب الأسعار في هذه الأسواق ارتفاعاً وانخفاضاً مفاجئاً وغير مفاجئ بحدة وغير حدة لا يخضع لمجرد اختلاف حالات العرض والطلب, بل يخضع لعوامل أخرى مفتعلة, بذلك يُعلم ما في أنواع البورصة من غرر فاحش ومخاطرة بالغة وأضرار فادحة قد تنتهي بمن يخوض غمارها من التجار العاديين ومن في حكمهم إلى الإفلاس, وهذا ما لا تقره شريعة الإسلام ولا ترضاه, فإنها شريعة العدل والرحمة والإحسان) انتهى البحث
وقد طبع هذا البحث في كتاب اسمه بورصة الأوراق المالية والضرائب طبعة دار الصميعي للنشر والتوزيع. أ.هـ
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أدعو الله أن يجعلني مجاب الدعوة, قال صلى الله عليه وسلم: ((يا سعد أطب مطعمك تُجب دعوتك)) وهذا كما في الحديث يمد يديه إلى السماء يأرب يأرب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام, قال فأنا يستجاب لذلك.
أنكم في هذه الأيام تسمعون أو ربما أن بعضكم وقع فيما حصل من قضية الأسهم التعامل بالأسهم, وكم حذر أهل العلم وأهل البصيرة كم حذروا من عدم التسرع وكم حذروا من عدم المبالاة وكم نهوا عن ذلك و أمروا بالتأني والتثبت ولكن الأطماع أخذت كثيراً من الناس فا وقعوا فيما وقعوا مما لا يحسدون عليه الآن, منهم من مات قهراً ومنهم من خُبل عقله ومنهم من وقع مريضاً ومنهم من أُثقل بالديون نتيجة أنهم باعوا أملاكهم واستدانوا وجمعوا ما لديهم وقدموه في هذه المخاطرات فا آل بهم الأمر إلى مالا يخفاكم.
كل هذا نتيجة التسرع وعدم المبالاة وعدم الأخذ بمشورة الناصحين, ولا ندري بما ينتهي الأمر عليه ولكن نقول اللهم سلم سلم ولعل فيما وقع موعظة لمن بقي في قلبه عقل أو تفكير أن يرجع إلى الصواب وأن يقنع بما أحل الله له وأن لا يغامر في هذه المعاملات المجهولة هذه المعاملات المشبوهة الا يغامر فيها,
فقد تعطلت الأسواق الآن تعطل البيع والشراء في العقارات تعطل البيع والشراء في المواشي والأقمشة والأطعمة تعطل البيع في التجارات المعروفة النقية وأنصرف الناس إلى التعامل بهذه الأسهم وهذه الشركات وهذه الأمور التي لا يُعلم مداها فكانت النتيجة أو كانت بعض النتيجة والله أعلم بما تؤول إليه الأمور كانت النتيجة ما سمعتم مما لا يخفاكم.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن لا يغامر فقد تعطلت الأعمال الآن حتى الموظف أصبح لا يؤدي الوظيفة على الوجه المطلوب وإنما ينشغل مع الشاشة ومع الأسهم ولا يؤدي عمله فإنما يحضر بصورته وأما قلبه فهو مع الشاشة مربوطاً فيها, حتى في الصلاة كثير منهم لا يعقل الصلاة يحضر جسمه وقلبه مع الشاشات ومع الأسهم يفكر فيها, فأنصرف الناس عما ينفعهم في دينهم ودنياهم إلى مجهول العاقبة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعلى المسلم أن يتقي الله وأن لا ينجرف مع الدعايات ومع أصحاب الأطماع الذين روجوا على الناس ليأخذوا أموالهم ويثقلوهم بالديون والغرامات أو الخسارات التي لا طاقة لهم بها, فا اتقوا الله عباد الله, قال صلى الله عليه وسلم: ((لن تموت نفساً حتى تستكمل رزقها وأجلها, فا اتقوا الله وأجملوا في الطلب)).
أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فأن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار,
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ويرى الشيخ المنجد أن المضاربة في أسهم الشركات التي لايدعم ارتفاعها أي مبرر وإنما من قبيل المضاربة البحتة .. يرى ذلك ضربا من ضروب القمار
فوائد متعلقة بالموضوع
قال جل في علاه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ... وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}
يقول ابن كثير في تفسيره: وقوله {ولا تقتلوا أنفسكم} أي بارتكاب محارم الله, وتعاطي معاصيه, وأكل أموالكم بينكم بالباطل.
وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس, فمن أتقى الشبهات فقد أستبرء لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه, الا وأن لكل ملك حمى الا وان حمى الله محارمه)).
وفي السنن عن الحسن بن علي رضي الله عنهما, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((دع ما يريبك إلى مالا يريبك)).
وجاء في الحديث الأخر: ((الإثم ما حاك في القلب وترددت فيه النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس)).
قال سبحانه {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
قال أيوب السختياني رحمه الله عن أهل الحيل والتحايل:
إنهم ليخادعون الله كأنما يخادعون صبياً, لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل عليّ.
يقول ابن كثير في تفسيره:
المغضوب عليهم هم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه.
(إعداد: عبدالرحمن الدقل)