تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهي العلوم المستنبطة من القرآن الكريم والمتعلقة به كتعلق الاسم بالمُسمَّى، وهي كثيرة ومتنوعة والإمام ابن تيمية كان له باع طويل فيها؛ إذ هي من الواجبات على من تصدَّى للقرآن الكريم تفسيراً أو استنباطاً أو ... وقد وُصف بأنه كان كثير المطالعة لجميع الفنون "خصوصاً علم الكتاب العزيز والسنة النبوية ولوازمها" (1) هذا و"أما غزارة علومه فمنها: ذكر معرفته بعلوم القرآن المجيد واستنباطه لدقائقه ونقله لأقوال العلماء في تفسيره، واستشهاده بدلائله، وما أودعه الله تعالى فيه من عجائبه وفنون حكمه وغرائب نوادره وباهر فصاحته وظاهر ملاحته فإنه فيه الغاية التي يُنتهى إليها والنهاية التي يُعول عليها" (2) وقد وظف الإمام ابن تيمية هذه المعرفة وذلك الاطلاع المتعلق بعلوم القرآن في تربيته العقدية لمتعلميه: حيث عدَّد من تلك العلوم القرآنية في الاستدلال على أمور المعتقد ويتضح ذلك من خلال ما يلي:

1 - معرفته بأسباب النزول:

فمعرفة أسباب النزول ضرورة هامة لمن يريد الاستدلال بآيات الكتاب والأهمية تتأكد إن كان الاستدلال في الأمور العقدية؛ ولهذا يقول الإمام ابن تيمية: "ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب" (3) ومما يوضح ذلك أمر الشفاعة في اليوم الآخر وهو أحد أركان الإيمان حيث يثبت المؤمن كل ما فيه إجمالاً وتفصيلاً فقوله تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) (4) فأثبت الإمام ابن تيمية أن الشفاعة يوم القيامة كلها لله سبحانه وتعالى ولكن يمنُّ –سبحانه وتعالى- بالشفاعة على من يشاء من الموحِّدين وفي مقدمتهم كل المرسلين –عليهم السلام- وأكد هذا المعنى من خلال معرفة سبب نزول الآية الكريمة؛ ولذلك قال: "لكن التحقيق في تفسير الآية: أن الاستثناء منقطع ولا يملكأحد من دول الله الشفاعة مطلقاً، ولا يُستثنى من ذلك أحدٌ عند الله؛ فإنه لم يقل: (ولا يشفع أحد) ولا قال: (لا يشفع لأحد) بل قال: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة).وكل من دُعي من دون الله لا يملك الشفاعة ألبتة، والشفاعة بإذن ليست مختصة بمن عُبد من دون الله وسيِّد الشفعاء صلى الله عليه وسلم لم يُعبد كما عُبد المسيح وهو –مع هذا- له شفاعة ليست لغيره فلا يحسن أن تثبت الشفاعة لمن دُعي من دون الله دون من لم يُدع.

فمن جعل الاستثناء متصلاً فإن معنى كلامه: أن مُنْ دُعي من دون الله لا يملك الشفاعة إلا أن يشهد بالحق وهو يعلم أو لا يشفع إلا لمن شهد بالحق وهو يعلم. ويبقى الذين لم يدعوا من دون الله لم تذكر شفاعتهم لأحد، وهذا المعنى لا يليق بالقرآن ولا يناسبه وسبب نزول الآية يبطله أيضاً ... [ثم ذكر سبب النزول فقال:] قال أبو الفرج بن الجوزي: سبب نزولها: أن النضر بن الحارث (1) ونفراً معه قالوا: إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن نتولى الملائكة فهم أحق بالشفاعة من محمد. فنزلت هذه الآية ... [ثم قال:] فإن الشفاعة إنما تكون لأهل توحيد الله وإخلاص القلب والدين له" (2) فاستدل بسبب النزول وأكد أمراً عقدياً وهو أن الشفاعة يوم القيامة لا تكون مطلقاً إلا لله –وحده لا شريك له- ثم إن الله يأذن لمن شاء من الموحِّدين0

2 - استدلاله بالعام والخاص:

وذلك في مَعْرِض كلامه على مجمل تفسير سورة البقرة، بتوضيح الحكمة من تكرار ذكر الأنداد في السورة مرتين حيث إفراد العبودية لله عز وجل من أجلّ أمور العقيدة فقال: "ففي أولها: (فلا تجعلوا لله أنداداً) (3) وفي أثنائها (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً) (4) فـ "الأول" نهي عام و"الثاني" نهي خاص، وذكرها بعد البيت؛ لينُتهى عن قصد الأنداد المضاهية له ولبيته من الأصنام والمقابر ونحو ذلك، ووَجْد [أي: وجوده الأزلي سبحانه] نفسه قبل ذلك وأنه (لا إله إلا هوالرحمن الرحيم) (1) ثم ذكر ما يتعلق بتوحيده من الآيات" (2) فبين باستدلاله بالخاص والعام فالأول نهي عام لكل الخلق ألا يتخذوا من دون الله أنداداً وذلك بعد ذكره لهم أنه الخالق والرب المستحق للعبادة والآخر نهي خاص لأناس معينين اتخذوا من دون الله عز وجل أنداداً من أهل الكتاب أو من عبدة الأوثان يضاهونه في الألوهية أشركوا بعبادتهم إياهم.

3 - استدلاله بتناسب الآيات:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير