قال القرطبى: روى أن سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين.
وقد ذهب الى كراهة الصلاة بين السوارى بعض أهل العلم قال الترمذى: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السوارى، وبه قال أحمد واسحق، وقد رخص قوم من أهل العلم فى ذلك. انتهى.
وبالكراهة قال النخعى، وروى سعيد بن منصور فى سننه النهى عن ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وحذيفه،
قال ابن سيد الناس: ولا يعرف له مخالف فى الصحابة.
ورخص فيه أبو حنيفة، ومالك، والشافعى، وابن المنذر قياسا على الأمام والمنفرد، قالوا: وقد ثبت (أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة بين ساريتين)، قال ابن رسلان: وأجازه الحسن وابن سيرين،
وكان سعيد بن جبير، وابراهيم التيمى، وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين وهو قول الكوفيين،
قال ابن العربى: ولا خلاف فى جوازه عند الضيق، وأما عند السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به وقد صلى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة بين سواريها.انتهى.
وفيه أن حديث أنس المذكور فى الباب أنما هو ورد فى حال الضيق؛ لقوله: (فاضطرنا الناس)، ويمكن أن يقال: ان الضرورة المشار اليها فى الحديث لم تبلغ قدر الضرورة التى يرتفع الحرج معها، وحديث قرة ليس فيه الا ذكر النهى عن الصف بين السوارى، ولم يقل: كنا ننهى عن الصلاة بين السوارى، ففيه دليل بين التفرقة بن الجماعة والمنفرد، ولكن حديث أنس الذى ذكره الحاكم فيه النهى عن مطلق الصلاة، فيحمل المطلق على المقيد،
ويدل على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين، فيكون النهى على هذا مختص بصلاة المؤتمين بين السوارى دون صلاة الامام والمنفرد، وهذا أحسن مايقال، وماتقدم من قياس المؤتمين على الامام والمنفرد فاسد الاعتبار لمصادمته لأحاديث الباب.
الثانى ما جاء في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ زين الدين ابي الفرج ابن رجب الحنبلي (736 - 795) طبعة دار الحرمين بالقاهره المجلد الرابع بداية صفحة49 باب الصلاة الي الاصطوانه وباب الصلاة بين السواري في غير جماعة
95 – باب
الصلاة الي الاصطوانة
وقال عمر: المصلون احق بالسواري من المتحدثين اليها
ورأىعمر رجلا يصلي بين أصطوانتين فأدناه الي سارية فقال: صل اليها
خرج فيه حديثين.
الحديث الأول:
502 - ثنا المكي: ثنا يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي مع سلمة بن الاكوع فيصلي عند الاصطوانة التي عند المصحف, فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذة الأصطوانه, قال فاني: رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يتحرى الصلاة عندها.
هذا-أيضا- من ثلاثيات البخارى. و الأصطوانه: السارية , وهذة الأصطوانه الظاهر أنها من أصطوان المسجد القديم الذي يسمى الروضة , و في الروضة أصطوانتان كل منهما يقال: ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي اليها: الأصطوانة المخلقة و تعرف بأصطوانة المهاجرين لأن أكابرهم كانوا يجلسون اليها و يصلون عندها
وتسمى أصطوانة عائشة , ويقال: ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى اليها المكتوبة بعد تحويل القبلة بضع عشرة يوما ثم تقدم مصلاه اليوم , وهي الأصطوانة الثالثة من المنبر , و الثالثة من القبلة , والثالثة من القبر الشريف وهي متوسطة في الروضة , و أصطوانة التوبة و هي التي ربط فيها أبو لبابة نفسه حتى تاب الله عليه , و قد قيل: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اعتكف في رمضان طرح له فراشه ووضع سريره وراءها.
وقد روى عن عمر مولى غفرة، ومحمد بن كعب أن أكثر نوافل النبى صلى الله عليه وسلم كانت عندها وهى الأصطوانة الثانية من القبر الشريف والثالثة من القبلة والرابعة من المنبر.
وفى الحديث دليل على أنه لابأس أن يلزم المصلى مكانا معينا من المسجد يصلى فيه تطوعا.
وقد ورد فى رواية التصريح بأن هذه الصلاة كانت تطوعا.
خرجه ابن ماجه، ولفظ حديثه: أن سلمة كان يأتى الى سبحة الضحى (466 – أ / ق) فيعمد الى الأصطوانة دون المصحف فيصلى قريبا منها فأقول له: ألا تصلى هاهنا؟ وأشير الى بعض نواحى المسجد، فيقول: انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى هذا (138 – أ / ك 1) المقام.
وقوله " قريبا منها " قد يحمل على أنه كان ينحرف عنها فى صلاته ولا يستقبلها استقبالا.
¥