تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم تحية المسجد]

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 03 - 07, 08:28 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء في حكم تحية المسجد على قولين:

الأول: أنها سنة، وهو قول الجمهور.

الثاني: أنها واجبة، وهو قول الظاهرية، ورجحه بعض المتأخرين، وتذكر رواية ضعيفة عند الحنابلة.

استدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

1 - حديث أبي قتادة1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) رواه البخاري.

والأمر للوجوب ما لم يصرفه عنه صارف، ولا صارف يعوَّل عليه.

2 - قول جاب1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ر: كنا عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوماً فقال: (أدخلت المسجد؟) قلت: نعم. فقال: (أصليت فيه؟) قلت: لا، قال: (فاذهب فاركع ركعتين) رواه ابن خزيمة، وحسنه الألباني.

3 - قال جابر: دخل رجل يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: (أصليت؟)، قال: لا، قال: (قم فصل ركعتين) رواه البخاري.

فكونه أمره بذلك مع لزوم الإنصات للخطبة دليل على الوجوب.

واستدل الجمهور بأنه قد جاء ما يصرف هذه الأوامر عن الوجوب، وقد جمعتُ من ذلك:

1 - حديث ضِمام بن ثعلبة، وفيه: هل عليّ غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع) متفق عليه.

2 - ما رواه جاب1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ر أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخطب فجعل يتخطى الناس، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (اجلس فقد آذيت وآنيت) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني، لكنَّ في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. وجاء من رواية عبدالله بن بُسر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عند أحمد وأبي داود والنسائي وصححه ابن خزيمة، وسكت عنه أبو داود، وما سكت عنه فهو صالح عنده، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (4/ 681): كل رجاله ثقات لا نعلم فيه جرحاً.

3 - عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ورأيت ابن عمر يفعله. رواه ابن أبي شيبة.

4 - أن المعلوم من هديه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه كان يدخل يوم الجمعة فيجلس على المنبر دون أن يصلي ركعتين. فتركها سنة لكل خطيب.

5 - حديث أبي واقد الليثي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: بينما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في المسجد، فأقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذهب واحد: فأما أحدهما فرأى فرجة فجلس، وأما الآخر فجلس خلفهم، فلما فرغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (ألا أخبركم عن الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه) رواه البخاري.

6 - سقوطها في بعض الأحوال دليل على أنها غير مقصودة لذاتها، كمن جاء والناس يصلون الفريضة -أو حتى نافلة يسن لها الجماعة كالتراويح- فإنها تسقط عنه هنا، وهو دليل على عدم الوجوب.

7 - دعوى الإجماع على سنيتها، والتي نقلها النووي رحمه الله، وهو ممن لا يعتد بخلاف الظاهرية. وقال الحافظ في "الفتح": (اتفق أئمة الفتوى أن الأمر هنا للندب).

=وقد يعترض على بعض الصوارف باعتراضات، منها المقبول ومنها المتكلَّف المردود، لكنّ بعضها كما رأيتَ قويٌّ صالحٌ للاحتجاج به نقلاً وعقلاً.

فالراجح: أنها سنة مؤكدة. والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[12 - 03 - 07, 11:22 ص]ـ

أحسنْتَ أخي أبا يوسف ووفقك الله لكل خير ...

ومن باب المشاركة:

أرى أن التعويلَ على حديث ضمام، وأمّا أثر زيد بن أسلم رحمه الله تعالى -وهو حسنٌ- ليس صريحاً، بل هو محتملٌ، وأما حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه فمحتملٌ كذلك.

وللفائدة: حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه صحيحٌ كما ذكرْتَ.

وأما الاحتمال أثر زيد بن أسلم رحمه الله فقد يُقال: لم يردْ أنهم جلسوا بدون صلاةٍ، بل هو محتملٌ أنهم يمرّون أو يقفون.

وكذلك باقي الأدلّة جاءتْ بالبدل (تراويح، خطبة، حلقة تعليم ... )، والمقصود من الحديث عدم الجلوس بدون بدلٍ ...

ولكن حديث ضمام رضي الله عنه قاطعٌ لهذه الردود، وبالتالي أرجّح حكمَك الذي خلصْتَ إليه.

وجزاك الله خيرا على هذه الفوائد، ودمتَ طيباً ...

ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[12 - 03 - 07, 11:24 ص]ـ

تصحيح ...

(حديث ضمام رضي الله عنه ... )، (وأما احتمال أثر زيد ... )

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 03 - 07, 07:18 ص]ـ

أحسنْتَ أخي أبا يوسف ووفقك الله لكل خير ...

وأمّا أثر زيد بن أسلم رحمه الله تعالى -وهو حسنٌ- ليس صريحاً، بل هو محتملٌ،.

أحسنتما، وهو كذلك، لأنه لقائل أن يقول إنه يحتمل أنهم لم يجلسوا؛ ولكن يغني عنه ما في سنن سعيد بن منصور:

حدثنا سعيد قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: «رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم

مجنبون؛ إذا توضئوا وضوء الصلاة».

وهذا الأثر صريح في أنهم كانوا يجلسون، وبطبيعة الحال لا يصلون.

وهذا الأثر كسابقه حسن لذاته كما حكم بذلك الشيخ سعد الحميد في تحقيقه لسنن سعيد.

والأرجح ما رجحه أخونا وهو قول الجمهور، لا سيما وفيهم الأئمة الأربعة المتبوعون.

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير