وحديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله r قال: (الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) متفق عليه.
* لاحِظ أن الحديث نص على الأكل والشرب. فما الحكم في سائر الاستعمالات -سوى الأكل والشرب- كالتطهر والتطيب والاكتحال واتخاذ الأقلام ونحوه ذلك؟
مذهب جماهير أهل العلم أن التحريم يشمل جميع وجوه الاستعمالات وقالوا: إن النص خرج مخرج الغالب, أو أنه تنبيه بالأعلى على الأدنى؛ فالأكل والشرب يُحتاج إليهما أكثر من غيرهما, ومع ذلك حرمهما فيها , فكان غيرهما محرماً من باب أولى [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) .
وقالوا أيضاً: إن العلة من تحريم الأكل والشرب فيهما , موجودة في الاستعمال أيضاًً، وآخِر حديث حذيفة t مُشعِرٌ بذلك؛ لذا قال الشيخ الموفق: (لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة في طهارة ولا غيرها).
مسألة: التحريم لاستعمال آنية الذهب والفضة يشمل الرجال والنساء؛ لعموم الأخبار وعدم المخصص.
* مسألة: كل ما حَرُم استعماله مطلقاً حَرُم اتخاذه.
س: ما الفرق بين " الاستعمال " و " الاتخاذ "؟
ج: الاستعمال يعني التلبس بالانتفاع بالشيء , أما الاتخاذ فهو مجرد الاقتناء دون الانتفاع كزينة أو غير ذلك.
تنبيه: يدخل في آنية الذهب والفضة ما كان مموَّهاً أو مطعَّماً أو مطلياً بهما أو بأحدهما, وكذلك المضبَّب إلا ما ورد النص بجوازه , وهو: [الضبة اليسيرة [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2) من الفضة لحاجة].
فيخرج ما كان لزينة، وتخرج الضبة من الذهب، كما قال القائل:
وضَبَّةُ العَسْجَدِ حَرِّم مطلقا كذا الإمامُ النوويُّ حَقَّقا
فعن أنس t أن قَدَح النبي r انكسر, فاتخذ مكان الشَّعْب سلسلة من فضة. البخاري
وقول المصنف: (ويجوز استعمال سائر الآنية الطاهرة) أي: ولو كانت ثمينة على المشهور.
مسألة: ما حكم آنية الكفار وثيابهم؟
المشهور من مذهب الحنابلة: أنه يباح استعمالها ما لم تعلم نجاستها ..
- وهناك رواية في المذهب: أنه يجب غسل أواني من لا تحل ذبيحته من المشركين كالمجوس, بخلاف أواني أهل الكتاب فلا يجب غسلها ما لم تعلم نجاستها، وهو ما ذكره الموفق هنا.
ودليل الإباحة:
- ما جاء في الصحيحين من حديث عمران بن الحصين t أن النبي r وأصحابه شربوا من مزادة مشركة.
- وما جاء من أكل النبي r في آنية اليهود.
- ولأن الأصل في أواني المشركين الطهارة والإباحة حتى يدل الدليل على نجاستها أو منعها.
أما حديث أبي ثعلبة الخُشَني وفيه أنه قال للنبي r : إنا بأرض قوم أهل كتاب , أفنأكل في آنيتهم؟ فقال r : ( إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها, وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها) متفق عليه.
فالجواب عنه من أحد وجهين:
الأول: أن النهي محمول على الكراهية لا التحريم.
الثاني: أن ذلك خاص بقوم يستعملون النجاسات في أوانيهم كما ورد في بعض روايات للحديث، فيكون ما استعملوه نجساً بخلاف ما لم يستعملوه.
قال المصنف: (وصوف الميتة وشعرها طاهر)
يُفهم من هذا أنها خارجة عن أصل , وهو تحريم ونجاسة الميتة , ويدخل في ذلك عظمها لأنه تحله الحياة} قال من يحيي العظام وهي رميم {، ودليل حياتها: أنها تحس وتتألم.
أما الصوف والشعر والوبر , فالمشهور من المذهب أنه طاهر من الحيوان الطاهر حال حياته , أما إذا كان الحيوان نجساً حال حياته فنجسة. وقد قال تعالى:} ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين {ولم تفرق الآية بين المذكاة والميتة , فدل على الإباحة والطهارة للجميع .. والله تعالى اعلم.
مسألة: ما حكم الآنية المتخذة من جلود الميتات؟
المذهب: أن ذلك لا يجوز وأنها نجسة ولو دبغت تلك الجلود, وهناك رواية في المذهب – قيل: إنها آخر الروايات عن الإمام وهي التي رجع إليها – وهو مذهب الجمهور واختيار شيخ الإسلام:أن جلد الميتة يطهر بالدباغ.
- ودليل مشهور المذهب: حديث عبد الله بن عُكَيم قال: أتانا كتاب النبي r وأنا غلام (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عَصَب) أحمد وغيره.
وقد أجاب الجمهور عن الحديث بعدة أجوبة , أشهرها:
1 - ضعف حديث عبدالله بن عكيم هذا؛ فقد أُعِلَّ بالإرسال والاضطراب والجهالة.
2 - لو صح الحديث , فإن معنى الإهاب: الجلد قبل أن يُدبغ.
¥