تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما حديث أبي ثعلبة الخُشَني وفيه أنه قال للنبي r : إنا بأرض قوم أهل كتاب , أفنأكل في آنيتهم؟ فقال r : ( إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها, وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها) متفق عليه.

فالجواب عنه من أحد وجهين:

الأول: أن النهي محمول على الكراهية لا التحريم.

الثاني: أن ذلك خاص بقوم يستعملون النجاسات في أوانيهم كما ورد في بعض روايات للحديث، فيكون ما استعملوه نجساً بخلاف ما لم يستعملوه.

قال المصنف: (وصوف الميتة وشعرها طاهر)

يُفهم من هذا أنها خارجة عن أصل , وهو تحريم ونجاسة الميتة , ويدخل في ذلك عظمها لأنه تحله الحياة} قال من يحيي العظام وهي رميم ودليل حياتها: أنها تحس وتتألم.

أما الصوف والشعر والوبر , فالمشهور من المذهب أنه طاهر من الحيوان الطاهر حال حياته , أما إذا كان الحيوان نجساً حال حياته فنجسة. وقد قال تعالى:} ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين {ولم تفرق الآية بين المذكاة والميتة , فدل على الإباحة والطهارة للجميع .. والله تعالى اعلم.

مسألة: ما حكم الآنية المتخذة من جلود الميتات؟

المذهب: أن ذلك لا يجوز وأنها نجسة ولو دبغت تلك الجلود, وهناك رواية في المذهب – قيل: إنها آخر الروايات عن الإمام وهي التي رجع إليها – وهو مذهب الجمهور واختيار شيخ الإسلام:أن جلد الميتة يطهر بالدباغ.

- ودليل مشهور المذهب: حديث عبد الله بن عُكَيم قال: أتانا كتاب النبي r وأنا غلام (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عَصَب) أحمد وغيره.

وقد أجاب الجمهور عن الحديث بعدة أجوبة , أشهرها:

1 - ضعف حديث عبدالله بن عكيم هذا؛ فقد أُعِلَّ بالإرسال والاضطراب والجهالة.

2 - لو صح الحديث , فإن معنى الإهاب: الجلد قبل أن يُدبغ.

ويؤيد قول الجمهور, والرواية الموافقة لهم عن أحمد: حديث ابن عباس t قال: سمعت رسول الله r يقول: (إذا دُبِغ الإهاب فقد طهر) مسلم. فهو الراجح إن شاء الله تعالى.

*مسألة: هل يشمل ذلك كل الجلود، حتى جلود السباع وجلد الكلب والخنزير؟

قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 153): (المقصود بهذا الحديث ما لم يكن طاهراً من الأُهُب كجلود الميتات، وما لا تعمل فيه الذكاة من السباع عند من حرّمها؛ لأن الطاهر لا يحتاج إلى الدباغ للتطهير، ومستحيل أن يقال في الجلد الطاهر: إنه إذا دبغ فقد طهر، وهذا يكاد يكون علمه ضرورة) إلى آخر كلامه .. ورجحه من الحنابلة: المجد ابن تيمية، وابن رزين، وابن عبد القوي، وشيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى".

وقد قال الإمام مالك: فأما جلود ما لا يؤكل لحمه، فكيف يكون طاهراً إذا دُبِغ وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه!.

فصارت الميتة النجسة على نوعين:

أحدهما: ما لا تفيد فيه الذكاة، كالكلاب والسباع. فهذه أجزاؤها كلها نجسة؛ ذُكِّيَت أم لا.

والثاني: ما تفيد فيه الذكاة، كالإبل والبقر والغنم والدجاج .. وهذه أجزاؤها ثلاثة أقسام:

1 - قسم نجس مطلقاً: كاللحم والشحم ونحوها.

2 - وقسم طاهر مطلقاً: كالشعر والصوف والوبر والريش.

3 - وقسم فيه خلاف: وهو الجلدُ بعد الدبغ والعظامُ ونحوها [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3).

قال المصنف: (كل ميتةٍ نجسةٌ إلا الآدمي) فإنه لا ينجس بالموت. وقوله: (وحيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4) ) أي فإنه طاهر حلال؛ لحديث أبي هريرة t أن النبي r قال عن البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) الأربعة.

مسألة: ما لا نفس له سائلة -أي: ما ليس له دم من شأنه أن يسيل- من الحشرات طاهر كالذباب والبعوض والقمل والبراغيث، ما لم يكن متولداً من النجاسات؛ لأن النبي r أمر بغمس الذباب في الإناء إذا وقع فيه. البخاري.

فالأصل في الميتة أنها نجسة، إلا ما استثناه، وهو: ميتة الآدمي، وميتة البحر، وميتة ما لا نفس له سائلة من الحشرات.

(1) ونظير ذلك قول الله تعالى:} لا تأكلوا الربا {، ولا قائل بقصر النهي على الأكل دون غيره، وقوله e : ( فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) مُشعِرٌ بالمنع منها مطلقاً، والعلة واحدة في جميع وجوه الاستعمال.

(2) عُرفاً، على القول الصحيح.

(3) انظر إرشاد أولي البصائر والألباب للشيخ عبد الرحمن السعدي، ص 27.

(4) الحيوان ثلاثة أقسام: بري، وبحري، وبرمائي. فالصحيح: أن ميتة الأول نجسة، وميتة الثاني طاهرة، وأما الثالث فمنه ما هو مفترس كالتمساح، ومنه ما ليس كذلك؛ فميتة المفترس منها نجسة، وأما غيرها فتتبع غالب عيشها؛ فإن كان غالب عيشها في البحر فحكمها حكم البحرية، وإلا كانت ميتتها نجسة.

أعتذر للإخوة الكرام عما حصل من خطأ في الدرس الثالث من كتاب "الطهارة"

ومن ذلك أن في كتابة الآية خطأً، وتصويبه:

{قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرز} ق

وقد نبهني -سلفاً- على ذلك أحد الإخوة، فشكر الله له وجزاه خيراً.

وهناك سقط أيضاً بعد كلام الحافظ ابن عبدالبَر، وصوابه:

قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 153): (المقصود بهذا الحديث ما لم يكن طاهراً من الأُهُب كجلود الميتات، وما لا تعمل فيه الذكاة من السباع عند من حرّمها؛ لأن الطاهر لا يحتاج إلى الدباغ للتطهير، ومستحيل أن يقال في الجلد الطاهر: إنه إذا دبغ فقد طهر، وهذا يكاد يكون علمه ضرورة) إلى آخر كلامه .. فدل على أن جلد الميتة نجس وأن الدباغ يطهره.

والأظهر في ذلك: أن الدباغ إنما يطهِّر جلد ميتة مأكول اللحم، أما ما لا يؤكل لحمه فلا يطهِّره الدباغ. ورجحه من الحنابلة: المجد ابن تيمية، وابن رزين، وابن عبد القوي، وشيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" في أحد قوليه.

وقد قال الإمام مالك: فأما جلود ما لا يؤكل لحمه، فكيف يكون طاهراً إذا دُبِغ وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه!. أهـ

وقد انتبهتُ لذلك عندما سألني عن معنى كلام الحافظ ابنِ عبدالبر الأخُ عبدالرحمن الناصر على الخاص فجزاه الله خيراً.

وأكرر الاعتذار .. وأظن أن بعض الإخوة سألني عن كلام ابن عبدالبر هنا فشرحتُ له معنى كلام الإمام مالك. أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير