تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و عقّب عليه بقوله: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك الجواري والنساء؛ لأن ذلك عقيب خبر الله عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات، وقلة معرفتهم بحقه، وتحليتهم إياه من الصفات والبخل، وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم، والمنعم عليهم النعم التي عددها في أول هذه السورة ما لا يرضونه لأنفسهم، فاتباع ذلك من الكلام ما كان نظيرا له أشبه وأولى من اتباعه ما لم يجر له ذكر. أهـ

تفسير الآية في كتب التفاسير:

أ - قال الإمام الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}: يقول تعالى ذكره: أو من ينبت في الحلية ويزين بها (وَهُوَ فِي الْخِصَامِ) يقول: وهو في مخاصمة من خاصمه عند الخصام غير مبين، ومن خصمه ببرهان وحجة، لعجزه وضعفه، جعلتموه جزء الله من خلقه وزعمتم أنه نصيبه منهم.

ب - و قال الإمام البغوي: {فِي الْحِلْيَةِ} في الزينة يعني النساء، {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} في المخاصمة غير مبين للحجة.

ت - و قال الإمام القرطبي: قوله تعالى: " وهو في الخصام غير مبين " أي في المجادلة والادلاء بالحجة.

قال قتادة: ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها.

ث - و قال ابن حبان في " البحر المحيط ": {وهو في الخصام غير مبين}: أي لا يظهر حجة، ولا يقيم دليلاً، ولا يكشف عما في نفسه كشفاً واضحاً. ويقال: قلما تجد امرأة لا تفسد الكلام، وتخلط المعاني.

ج - و في " بحر العلوم " للسمرقندي: {وَهُوَ فِى الخصام غَيْرُ مُبِينٍ} يعني: في الكلام غير فصيح. ويقال: هن في الخصومة، غير مبينات في الحجة ويقال: أفمن زين في الحلي، وهو في الخصومة غير مبين، لأن المرأة لا تبلغ بخصومتها، وكلامها ما يبلغ الرجل.

دلالة الآية:

فهذا القول الإلهي الكريم نص في كون النساء غير مبيّنات في الخصام، و إذا كان هذا شأنهن في مجرد بيان الخصام؛ فكذلك شانهن في الفصل في الخصام؛ من باب الأولى.

و الفصل في الخصومات هو معنى " القضاء ".

و إذا كان ذلك هو شأنهن في بيان الخصام الخاص بهن؛ فهو كذلك في استبيان خصام غيرهن و الفصل فيه؛ من باب أولى.

و عليه: فقوله تعالى في شأن الإناث: {و هو في الخصام غير مبين} نص في مسألة عدم جواز تولية المرأة الفصل في الخصومات، و هو القضاء؛ بدلالة الأولى.

و هذه الدلالة هي أحد دلالات الألفاظ الشرعية للنص؛ المقررة في أصول الفقه.

الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح: " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ". و ذلك لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى. رواه الإمام البخاري، و الترمذي، و الحاكم، و أحمد، و غيرهم.

أ - روى البخاري في " صحيحه " عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: (لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ").

ب - و روي في مسند أحمد بلفظ: " مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ يَلِي أَمْرَهُمْ امْرَأَةٌ ".

فهذا الحديث نص في عدم فلاح القوم الذين يولون أمرأة أمرهم.

- و القول بأن هذا كان فقط على سبيل الإخبار بما سيكون من هزيمة أهل فارس وقتذاك، و لم يكن حكما تشريعيا للأمة: ادعاء غير صحيح؛ لأن (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)؛ على ما هو مقرر في علم الأصول.

و سبب ورود الحديث يعين على تفسيره، و لكن لا يجوز تخصيصه به، و إلاّ لكانت معظم أحكام الشرع خاصة بالعصر و بالقوم و بالوقائع التي قيلت فيها الأحاديث أو نزلت فيها الآيات. و هذا باطل؛ لنفيه عموم الرسالة إلى يوم الدين.

و إنكار أو إهمال عمومات النصوص الشرعية تعطيل لبعض الشرع، و إخراج لبعض المكلفين الداخلين في أحكامه منها بغير دليل. و هذا لا يجوز في الدين و لا في القوانين الوضعية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير