س: ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية، فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى: سورة الأنبياء الآية 30 {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءا منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حارا، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس. إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها.
وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى: سورة النمل الآية 88 {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} على دوران الأرض، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية، وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات.
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بغير علم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء \ الفتوى رقم: 9247 \ (الجزء رقم: 46 \ الصفحة رقم: 151) ..
عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
_ 2 _
سئل العلامة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ((هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات الحديثة))؟
فأجاب بقوله: ((تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك أننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات، ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها، معنى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام، أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون: ((إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك))، لكن أعداء المسلمين يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية، ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول: ((القرآن قد أثبته))، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق والتدبر، يقول الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} ص29، وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطرا عظيما فادحا في تنزيل القرآن عليها، وأضرب لهذا مثلا: قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} الرحمن33، لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية، ونزلها على ما حدث وقال: ((إن المراد بالسلطان العلم)) وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض، وتعدوا الجاذبية، وهذا خطأ، ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذ فسرت القرآن بمعنى، فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده، وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها، ومن تدبر وجد أن هذا التفسير باطل، لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس، وما يئول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذكرت بعد قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ {26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ {27} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {28}.
فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السماوات؟
الجواب: لا، والله يقول: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية.
ثانيا: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟
لا، إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء ونقول: ((إن وصول هؤلاء إلى ما وصلوا إليه، هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نحرف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا، فهذا ليس بصحيح ولا يجوز)).
المصدر: ((كتاب العلم – ص: 142 – 143)) ..
_ 3 _
¥