فتحُ الإله بالتعليق على كتاب " صفة الصلاة "
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[11 - 05 - 07, 07:00 م]ـ
المقدمة
الحمد لله الذي رفع قدر العلم، و ضرب لنا منه بسهم، و رزقنا الفقه و الفهم. أحمده حمد مَن عجز فاعترف، مهما لهج بشكره و هتف. حمداً يستجلب الرضى، و يصلح منا ما بقي و ما مضى. و صلى الله و سلم و بارك على نبيّنا محمد، نبي الهدى و إمام أهل التقى، أبر من نصح و أصدق من دعا. و على آله وصحبه أعلام الهدى و مصابيح الدجى، و على من اتبع و اقتفى بإحسان إلى يوم اللقا.
أما بعد ...
فهذه تعليقات – مما فتح الله به – على كتاب " صفة الصلاة " للشيخ الألباني رحمه الله، كنت قد كتبتها أثناء قراءتي للكتاب على فترات متباينة، قد يكون بين أولها و آخرها نحو عشرين سنة. و المقصد من هذه التعليقات المشاركة في خدمة السنة و بيانها، و آداء حق النصيحة للأمة و لعلمائها. و لست بدعا في هذا الأمر، فلا يزال أهل العلم و طلابه يقيدون على ما يقرؤون مما يبدو لهم من تعاليق و إفادات.
و لعلي لا أحتاج إلى أن أقول أن هذه التعليقات لا تنتقص من قيمة الكتاب و لا من قدر كاتبه رحمه الله. فقد بذل جهداً ظاهرا في لمّ فقرات الكتاب و ترتيبها، و حشر أدلته و تهذيبها. إلا أنه يبقى جهدا بشريا يحتاج إلى من يكمله، و ينفي عنه ما اعتراه من أوهام أو ذهول، و ينبه على ما وقع فيه من أخطاء مما لا يسلم منه إلا معصوم.
و اعلم أنّ أي كتاب يكون موضوعه الصلاة، فإنه ينبغي أن يكون حقيقا بالإهتمام، لأنه يتناول ركنا عظيما من أركان الإسلام، و فريضة خطيرة يتوقف مصير الإنسان و مآله على معرفتها و آدائها على الوجه الصحيح. و يزداد الموضوع خطرا و أهمية حينما يتعلق الأمر بصفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم، الذي جعله الله حجة بينه و بين الخلق. فإن واجب المسلم الصادق أن يتحرى في دينه الحق و يلتزم الحجة، و يتثبت في أمره حتى تكون عبادته على بصيرة.
أسأل الله تعالى - و هو خير مسؤول و أكرمه - أن يفتح علينا بما يرضيه، و يفيض على من قرأه من السكينة ما يبرء قلبه و يشفيه. و أن يجعل هذا العمل - و سائر أعمالنا - خالصاً لوجهه الكريم.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[11 - 05 - 07, 07:04 م]ـ
و من (صلاة المريض جالساً)
• قوله رحمه الله (ص 78) عقب حديث عمران " من صلى قائمًا فهو أفضل ... ": و المراد به المريض؛ فقد قال أنس رضي الله عنه:
" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يصلون قعودا من مرض فقال: إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ".اهـ
قلت: حمل حديث عمران على المريض مخالف لظاهره و لقول عامة الأئمة من السلف و الخلف، و تفسيره بحديث أنس بعيد و لا يسعفه كما سأبيّنه. و قد ذكر الترمذي رحمه الله في " سننه " (2/ 208) أنّ سفيان قال في الحديث: " هذا للصحيح ولمن ليس له عذر (يعني في النوافل). فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا: فله مثل أجر القائم. قال: و قد روي في بعض هذا الحديث مثل قول سفيان الثوري.اهـ قال الحافظ في " الفتح " (2/ 585): يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له صالح ما كان يعمل و هو صحيح مقيم ". و لهذا الحديث شواهد كثيرة.اهـ
و كذلك قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " (6/ 14):
و هذا الحديث محمول على صلاة النفل قاعدا مع القدرة على القيام فهذا له نصف، و أما إذا صلى النفل قاعدا لعجزه عن القيام فلا ينقص ثوابه بل يكون كثوابه قائما. و أما الفرض فإن الصلاة قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به.اهـ
هذا، و قال الشيخ الألباني رحمه الله في الحاشية معلقا على الحديث بعد تخريجه:
قال الخطابي:" المراد بحديث عمران المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبا له في القيام مع جواز قعوده ". ثم نقل قول الحافظ في (الفتح): " و هو حمل متجه ".اهـ
قلت: اقتطاع مثل تلك الجملة من كلام الحافظ و بترها عما بعدها، لا يبيّن الصورة الكاملة للوجه الذي قرره الحافظ رحمه الله. بل و يوهم ما لم يقصده. و إليك ما قاله الحافظ (2/ 585):
¥