و محمد بن عبد الوهاب: في " سنن البيهقي " كذلك برقم (2642)
فهؤلاء جميعًا اتفقوا على رواية الحديث باللفظ الذي ذكرته آنفًا.
و خالفهم (الحسن بن علي) عند أبي داود (761) و الترمذي (3423) فرواه ممزوجًا بحديث التوجه.
و أما حديث (إسماعيل بن أبي أويس) فرواه البخاري في " جزء رفع اليدين " (9) و لفظه كلفظ الجماعة عن سليمان سواء بسواء.
و أما (عبد الله بن وهب) فرواه عنه (الربيع المؤذن) و (بحر بن نصر) باختلاف.
ففي (صحيح ابن خزيمة) روايتان عنهما؛
أحدهما برقم (584) و هي كرواية الجماعة عن سليمان و إسماعيل آنفة الذكر، و هذا هو الصحيح؛ فقد رواه الطحاوي عن (الربيع) في " شرح معاني الآثار " (1234)، و أبو بكر النيسابوري عن (بحر) عند الدارقطني في " سننه " (1) و لفظها واحد كلفظ سليان و إسماعيل.
و الأخرى برقم (464) و لفظها لفظ حديث " التوجه " بزيادة التقييد بالصلاة المكتوبة. و هذا لم يتابعا عليه. و يبدو أن اللفظ لـ (بحر) فقد رواه عنه (محمد بن يعقوب) في " سنن البيهقي " (2174) و جمع الحديثين أعني التوجه و رفع اليدين في حديث واحد.
و الخلاصة: أن الصحيح في رواية سليمان بن داود – و كذا إسماعيل بن أبي أويس و عبد الله بن وهب على التحقيق - عن ابن أبي الزناد، حديث " رفع اليدين " ليس شيء سواه، باتفاق سبعة من الرواة و فيهم أئمة متقنون كالإمام أحمد، و خالف في ذلك (الحسن بن علي) فروى الحدثين في حديث واحد.
هذا فيما يتعلق بحديث " رفع اليدين ".
و أمّا حديث " التوجه " فرواه عن (الماجشون):
ابنه يوسف: عند " مسلم " (771/ 201) و " الترمذي " (3421 و 3422) و " البزار " (536) و " البيهقي " (2172)
و ابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة: أخرجه مسلم (771/ 202) و أبو داود (760) و الترمذي (3422) و النسائي (897) و أحمد (729 – 803 و 804) و الدارمي (1238) و ابن حبان (1773) و الدرقطني (1) و الطيالسي (152) و من طريق البيهقي (2172) و أبو يعلى (285 و 574) و ابن أبي شيبة (2399) و ابن الجارود (179) و غيرهم من وجوه كثيرة بالإتفاق على إطلاق لفظة " الصلاة "
و روى حديث " التوجه " كذلك عن (عبد الله بن الفضل):
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة:
رواه عنه عبد الله بن رجاء: أخرجه البيهقي في " الشعب " (3133) و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1084) و الطبراني في " الدعاء " (495)
و سريج بن النعمان: أخرجه أبو عوانة في " مسنده " (1606)
و أحمد بن خالد الوهبي: أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (463)
و عبد الله بن صالح: أخرجه الطحاوي (1084)
و أبو سعيد: أخرجه أحمد في " مسنده " (729) هؤلاء جميعًا لا يختلفون على عبد العزيز في إطلاق لفظ الصلاة من غير تقييد.
و تابع عبدَ العزيز على ذلك: (موسى بن عقبة) من رواية ابن جريج عنه، على الصحيح، و هي عند الشافعي في " الأم " في (باب افتتاح الصلاة)، و في " المسند " برقم (137)، من رواية عبد المجيد بن أبي رواد و مسلم بن خالد و غيرهما. و تابعهما (هشام بن سليمان) عند الطبراني في " الدعاء " (496). و خالفهم (حجاج بن محمد) فرواه عن ابن جريج بالتقييد بالمكتوبة، أخرجه ابن حبان (1772 و 1774) و (حجاج) ثقة إلا أنه تغير فيخشى أن يكون حدث بذلك بعد تغيره. فرواية أولئك أولى و أصح.
و يشهد لها متابعة عاصم بن عبد العزيز، و عبد الله بن جعفر، عن موسى بن عقبة به. أخرجها الطبراني في كتاب " الدعاء " (496). و عاصم صدوق يهم و حديثه حسن في الشواهد. و عبد الله هو أبو علي بن المديني، ضعيف يقال تغير حفظه بآخرة و هو صالح في المتابعات.
و هي الرواية الموافقة لرواية الماجشون عن الأعرج كما مر، و هذه متابعة عالية.
و هكذا يتبيّن بعد البحث و النظر أن تقييد الصلاة بالمكتوبة في حديث التوجه لا يصح بوجه من الوجوه، فهو إما شاذّ أو منكر. و الله تعالى أعلم.
فإن قلت: أن الحديث مطلق فكيف حمله السلف على صلاة الليل؟ فالجواب: أن السلف كانوا يتعاملون مع السنة بشمولية، و لا يعزلون النصوص عن بعضها و لا عما يحتفّ بها من قرائن و أحوال، حتى و إن كانت مخارجها مختلفة. و بسبب قرب عهدهم بمصادر السنة فإنهم كانوا أعرف من غيرهم بمقاصدها و أبصر بمواردها. و قد ثبت من حديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه أن الدعاء الذي ورد في حديث علي رضي الله عنه إنما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم في صلاة الليل.
فقد أخرج النسائي في " سننه " (898) عن محمد بن مسلمة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعا قال: الله أكبر وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ثم يقرأ ".
و بيّن النسائي بالإسناد نفسه هذا التطوع فقال في الرواية رقم (1128): " كان إذا قام من الليل يصلي تطوعًا ... "
فكأن السلف نظروا إلى أصل الدعاء و لم يلتفتوا إلى تصرف الرواة طيًا و نشرًا، و اختصارًا و بسطًا. و هذا هو الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه.
فإذا أدركت هذا، استغنيت عن التعليق عما قاله الشيخ الألباني رحمه الله في الفقرتين (3) و (4)، حيث قال:
3 - مثله (أي مثل حديث علي رضي الله عنه) دون قوله: " أنت ربي و أنا عبدك " ... إلخ.
4 – مثله أيضًا إلى قوله: " و أنا أول المسلمين "، و يزيد ... إلخ ".اهـ
¥