ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 11:13 م]ـ
و من (السجود)
• قوله رحمه الله (ص: 139): " و كان أحيانًا يرفع يديه إذا سجد " و عزا ذلك إلى النسائي و الدارقطني و المخلص في (الفوائد)، و قال: بسندين صحيحين.
و قال في التعليق رقم (3): "و قد روي هذا الرفع عن عشرة من الصحابة، و ذهب إلى مشروعيته جماعة من السلف، منهم؛ ابن عمر، و ابن عباس، و الحسن البصري، و طاووس، و ابنه عبد الله، و نافع مولى ابن عمر، و سالم ابنه، و القاسم بن محمد، و عبد الله بن دينار، و عطاء ". اهـ
قلت: لقد بحثت هذا في جزء مفرد و بيّنت بالدليل أنه لا يثبت منه شيء، فهو بين شاذّ و منكر و ضعيف و مجمل. و أمثل هذه الأحاديث و هو الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله في الهامش، حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه:
" أنه رأى النبيّ صلى الله عليه و سلم رفع يديه في صلاته إذا ركع، و إذا رفع رأسه من الركوع، و إذا سجد، و إذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ".
أخرجه النسائي في " سننه " برقم (1085) قال:
" أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم به.
و برقم (1086) قال:
حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم به.
و مدار الطريقين كما ترى (محمد بن المثنى)، قال عنه النسائي: " لا بأس به، كان يغيّر في كتابه " انظر تهذيب المزي (26/ 359)، و هذا يعني التوقف فيما ينفرد به.
فإن قلت: قد تابعه أحمد في روايته عن ابن أبي عدي. فالجواب: أن ابن أبي عدي، وهو محمد بن إبراهيم ثقة، لكنه سمع من سعيد بآخرة، أي بعد الإختلاط. كما في ضعفاء العقيلي (2/ 112)
فإن قلت: قد أخرج مسلم الحديث في صحيحه عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عدي به ...
فالجواب: أن مسلمًا إنما أخرجه مقتصرًا على اللفظ الذي فيه حد الرفع، و ليس فيه ذكر لمحل الرفع. و من هنا تدرك خطأ مَن أطلق كونه على شرط مسلم. ذلك، لأنّ مسلمًا من عادته – و قد ذكر ذلك في مقدمة صحيحه – أن يذكر الحديث أولاً بإسناد نظيف رجاله ثقات متقنين، و يجعله أصلاً، ثم يتبعه بإسناد آخر، أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة، أو لزيادة فيه تُنبّه على فائدة فيما قدّمه.
و مما يدل على شذوذ تلك الرواية أن الحديث رواه عن (سعيد بن أبي عروبة) جماعة من الثقات الأثبات بدون تلك الزيادة، منهم:
يزيد بن زريع: قال أحمد بن حنبل: كل شيء رواه يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبال أن لا تسمعه من أحد. سماعه من سعيد قديم، وكان يأخذ الحديث بنية. (الكامل/393)
قلت: و حديثه أخرجه النسائي و أبو نعيم و الطبراني.
وخالد بن الحارث: قال ابن عدي: أثبتهم في سعيد؛ يزيد بن زريع وخالد بن الحارث ويحيى بن سعيد القطان. (كتاب المختلطين للعلائي 1/ 41)
و حديثه أخرجه ابن سعد.
و عبد الله بن نمير: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2412).
و خالف هؤلاء جميعًا محمد بن جعفر المعروف بـ (غندر)، فرواه عن سعيد بلفظ: " يرفع يديه إذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ". أخرجه أحمد (15642)
و محمد هذا، قال فيه الحافظ في التقريب (1/ 472): " ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة " قلت: و هو مع تلك الغفلة، فإنه قد سمع من سعيد بعد الإختلاط، قاله ابن مهدي، كما في (تهذيب التهذيب 9/ 85)، فالرواية ضعيفة ...
و هناك رواية ثالثة لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، أخرجها النسائي برقم (1087) قال: " أنبأ محمد بن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي (هشام بن جرير الدستوائي) عن قتادة به ... و فيها:
" وإذا ركع فعل مثل ذلك وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك ".
قلت: انفرد محمد بن المثنى بذكر " رفع الرأس من السجود "، و قد رواه عن معاذ بن هشام كلّ من: الحميدي و إسحاق بن راهويه، و هما أعلى كعبًا منه، و لم يذكرا ذلك. أخرج الأول أبو عوانة في صحيحه (1587) و الثاني الطبراني في الكبير (629)، و هذا مما يؤكد مقولة النسائي فيه؛ من أنه كان يغيّر في كتابه.
و تابعهما عن هشام الدستوائي:
¥