ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[18 - 05 - 07, 01:38 ص]ـ
و من (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وموضعها وصيغها)
• قوله رحمه الله (ص: 164): وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره ...
وسن ذلك لأمته حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه.اهـ
قلت: يشير الشيخ رحمه الله بالأول إلى حديث عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل، و فيه:
" كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا ... الحديث ".
أخرجه أبو عوانة برقم (2060)
قال الشيخ الألباني رحمه الله في " تمام المنة " (1/ 224):
فيه دلالة صريحة على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى على ذاته صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول كما صلى في التشهد الآخر. و هذه فائدة عزيزة فاستفدها و عض عليها بالنواجذ.اهـ
قلت: في الإستدلال بهذا الحديث نظر، و ذلك من وجوه:
الوجه الأول: شذوذ ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث و نكارته؛ ذلك أن الحديث من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام. و لفظ (الصلاة) رواه أبو عوانة عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن بشر عن سعيد به. و (الحسن بن علي) قال عنه ابن أبي حاتم (3/ 22) و الحافظ في " التقريب " (1/ 162): صدوق.
و قد رواه عن محمد بن بشر من هو أحفظ منه و هو ابن أبي شيبة بلفظ:
" ثم يصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا عند الثامنة، فيدعو ربه فيذكر الله ويحمده ويدعوه. ثم ينهض ولا يسلم ... "
أخرجه ابن ماجة (1191) و هو عند مسلم (746) و لم يسق لفظه و قد بيّنه ابن ماجة و طريقهما واحد.
و ذُكرت الصلاة أيضاً في رواية هارون بن إسحاق عن عبدة عن سعيد به. أخرجه النسائي (1720) و لفظه:
" و يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة و يحمد الله و يصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم و يدعو بينهن ... الحديث "
و هارون بن إسحاق قال عنه أبو حاتم (9/ 87): " صدوق " و هو الذي يُنظَر في روايته، و لا يُحتَجّ بما ينفرد به فضلا عما يخالف فيه.
قلت: و قوله " و يدعو بينهن " أي بين الركعات الثمانية لم يقله غيره و هذا كافٍ للدلالة على عدم ضبطه. و قد أشار الإمام ابن خزيمة إلى ذلك فقال (2/ 141): زاد هارون في حديثه في هذا الموضوع.اهـ
و قد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة به. و لفظه:
" يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيجلس فيذكر الله عزوجل ثم يدعو ... "
أخرجه أبو داود (1343) و النسائي (1601)
قال عبد الله بن أحمد في " العلل " (2/ 338): حدثني أبي – يعني الإمام أحمد – قال: قال عبد الرحمن بن مهدي: يحيى بن سعيد عالم بحديث سعيد بن أبي عروبة.اهـ
و تابعه ابن أبي عدي بنحوه، لا يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، و هو عند مسلم برقم (139/ 746)
و كذلك رواه جماعة من الحفاظ عن قتادة و هم من أثبات أصحابه، منهم:
هشام الدستوائي: عند إسحاق بن راهويه (1317) و الدارمي (1475) و النسائي (1719).
و همام: عند أبي داود (1342).
و معمر: عند عبد الرزاق في " مصنفه " (4741) و أحمد (25386) و إسحاق بن راهويه (1316) و النسائي (1721). ليس في رواية هؤلاء شيء مما ذُكر من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم.
الوجه الثاني: حتى و إن سلمنا أن رواية الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم محفوظة، فليس في الحديث ذكر التشهد و إنما فيه الحمد و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و الدعاء.
الوجه الثالث: حتى و إن قلنا أن ذلك كان في التشهد، فإنها كانت في صلاة الليل، و هي ليست كالفريضة التي تصلى جماعة عادة. و يبدو أن الشيخ رحمه الله قد تسمع مثل هذا الكلام فقال في " تمام المنة " (1/ 224): و لا يقال: إن هذا في صلاة الليل لأننا نقول: الأصل أن ما شُرع في صلاة، شرع في غيرها دون تفريق بين فريضة أو نافلة فمن ادعى الفرق فعليه الدليل.اهـ
¥