الأول: عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله، أخرجه عبد الرزاق (3129)، و هذا منكر؛ (خصيف) قال عنه الحافظ في " التقريب " (1/ 193): صدوق، سيء الحفظ، خلط بأخرة، و رمي بالإرجاء.اهـ
قلت: و مع ذلك فقد انفرد بأصل الرواية عن أبي عبيدة. تعقب عبد الرزاق هذه الرواية بقوله: أظنّه لم يتابعه عليه أحد.
الثاني: أخرجه الطيالسي (286) قال: حدثنا همام عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله: أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. و عن يساره السلام عليكم و رحمة الله ".اهـ
قلت: فيه عطاء و كان قد اختلط.
و المحفوظ من حديث عبد الرحمن بن الأسود: رواية زهير عن أبي إسحاق عنه، عن أبيه الأسود و علقمة، أخرجه أحمد (3736) و النسائي (1142) و الدرقطني في " السنن " (4) و قال: أنها أحسن الروايات إسناداً. و أبو يعلى (5128 – 5334) و غيرهم.
و رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود و أبي الأحوص. أخرجه أبو داود (996) و الطبراني (10173) و الشاشي في " مسنده " (695 و 696)
و رواه هشام الدستوائي عن حماد عن إبراهيم النخعي عن الأسود. أخرجه الطبراني (10189) بسند صحيح. و كلها روايات مرفوعة و بدون تلك الزيادة المنكرة.
و الخلاصة بعد هذا الإستعراض المفصل للروايات التي ورد فيها ذكر السلام من حديثي عبد الله بن مسعود و وائل بن حُجر رضي الله عنهما، تبيّن لنا أنه لم يصح في هذا الباب شيء. و كل ما قيل فيه، فهو ضعيف مُعل لا تقوم به حجة. فلا تغتر بمن يقول بسنيته و الزم جادة الصواب التي سلكها السلف و إياك و غرائب الأشياء.
قال النووي رحمه الله في " الأذكار " (1/ 159): و اعلم أن الأكمل في السلام أن يقول عن يمينه " السّلام عليكم و رحمة اللّه " و عن يساره " السّلام عليكم و رحمة اللّه "، و لا يُستحبّ أن يقول معه: " و بركاته "، لأنه خلاف المشهور عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و إن كان قد جاء في رواية لأبي داود. و قد ذكره جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين و زاهر السرخسي و الرويّاني في الحلية، و لكنه شاذ، و المشهور ما قدّمناه و اللّه أعلم.اهـ
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[20 - 05 - 07, 08:10 ص]ـ
• قوله رحمه الله: و " كان إذا قال عن يمينه: " السلام عليكم و رحمة الله " اقتصر – أحياناً – على قوله عن يساره: " السلام عليكم ".اهـ
قلت: هذا منزع غريب. و الحديث الذي ذكره الشيخ رحمه الله مداره على عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان: أنه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فرواه النسائي من طريقين؛
الأول (1320): عن الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج قال ابن جريج أنبأنا عمرو بن يحيى به. و لفظه: " السلام عليكم و رحمة الله عن يمينه، السلام عليكم و رحمة الله عن يساره ".
و الثاني (1321): عن قتيبة قال حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو بن يحيى به. و لفظه: " وذكر السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه السلام عليكم عن يساره ".
و بلفظه رواه أحمد (5402) عن أبي سلمة الخزاعي عن عبد العزير الدراوردي به.
و العجيب أن النسائي أخرج هذا الحديث في " السنن الكبرى " (1244) بالإسناد ذاته، و لكنه بلفظ ابن جريج: " السلام عليكم و رحمة الله " عن اليمين و عن اليسار. ما يدل على أن رواية عبد العزيز الدراوردي وقع فيها اختصار و قصور. و الدراوردي وصف بسوء الحفظ و كثرة الأوهام، قال الحافظ في " التقريب " (1/ 358): صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطىء.اهـ
و رواه الشافعي عنه في " مسنده " (181) مجملا غير مفسر، و لفظه:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره ".
و قال – في إشارة إلى تخبطه -: " قال مرة: عن ابن عمر، و مرة عن عبد الله بن زيد ".اهـ
فالصحيح في هذا الحديث رواية ابن جريج الأولى، و هي عند أبي يعلى (5764) و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1484) و البيهقي (2807)، و غيرهم.
و تابع ابن جريج (خالد بن عبد الله) و هو ثقة ثبت كما في " التقريب " (1/ 189)، أخرج حديثه الطبراني في " الكبير " (13313).
و ذكره ابن حزم في " المحلى " (4/ 131) تعليقاً: عن محمد بن يحيى به. و لفظه كلفظ ابن جريج: " السلام عليكم و رحمة الله عن يمينه. السلام عليكم و رحمة الله عن يساره "، التسليمتان سواء و لا فرق، وكذلك ذكره الحافظ ابن عبد البر في " الإستذكار " (1/ 494) عن عمرو بن يحيى به.
و الخلاصة: أن التفريق الذي ذكره الشيخ الألباني رحمه الله خطأ ظاهر، لا ينبغي أن يُشك في ضعفه، و الصواب في هذا الباب ما ذكرته في أول البحث من كلام النووي رحمه في " الأذكار "، فتذكره و احفظه، فإنه السنة الثابتة المحكمة التي توافقت عليها روايات الصحابة، و حفظها الأئمة الأثبات.
¥