و هذا لا ينبغي أن يُلتَفَت إليه أو يشتغل به؛ فيه جابر الجعفي سيء الحال، تركه كثير من الأئمة.
و الحديث رواه عن أبي الضحى:
حماد: و أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (3127) و من طريقه الطبراني في " الكبير " (10177)
و الأعمش: و أخرجه البزار (1961) و الطبراني في " الأوسط " (1503)
و مغيرة بن مقسم: و أخرجه البزار (1972) و الطبراني في " الكبير " (10183) و " الأوسط " (8324)
و رواه عن مسروق؛
عامر الشعبي: و أخرجه الدارقطني في " السنن " (6) و ابن حبان (1994) و البيهقي (2802)
بل حتى عن جابر الجعفي نفسه لم ترد تلك الزيادة، كما في رواية وكيع و عبد الرزاق عن سفيان عنه. و رواية شعبة عنه، و كلها عند أحمد في " المسند " (3702 و 3887 و 4172)
هذا، و إنما ذكرت ما ذكرت للفائدة، و إلا فإن حال جابر تغني عن الإطناب.
الطريق الرابع: أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10191) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش و أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال:
" كأني أنظر إلى بياض خدي رسول الله صلى الله عليه و سلم يسلم عن يمينه: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و عن يساره السلام عليكم و رحمة الله ".اهـ و هو عند أبي يعلى كذلك برقم (5051).
قال الطبراني في " الأوسط " (6/ 52) و البزار (1731): لم يرو هذا الحديث عن عاصم عن زر إلا عبد الملك بن الوليد بن معدان.اهـ
قلت: و (عبد الملك) هذا، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " (2/ 135): منكر الحديث جدا، ممن يقلب الأسانيد، لا يحل الاحتجاج به و لا الرواية عنه.اهـ
و عاصم بن بهدلة صدوق له أوهام.
و قد ورد ذكر " و بركاته " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه من وجهين:
الأول: عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله، أخرجه عبد الرزاق (3129)، و هذا منكر؛ (خصيف) قال عنه الحافظ في " التقريب " (1/ 193): صدوق، سيء الحفظ، خلط بأخرة، و رمي بالإرجاء.اهـ
قلت: و مع ذلك فقد انفرد بأصل الرواية عن أبي عبيدة. تعقب عبد الرزاق هذه الرواية بقوله: أظنّه لم يتابعه عليه أحد.
الثاني: أخرجه الطيالسي (286) قال: حدثنا همام عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله: أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. و عن يساره السلام عليكم و رحمة الله ".اهـ
قلت: فيه عطاء و كان قد اختلط.
و المحفوظ من حديث عبد الرحمن بن الأسود: رواية زهير عن أبي إسحاق عنه، عن أبيه الأسود و علقمة، أخرجه أحمد (3736) و النسائي (1142) و الدرقطني في " السنن " (4) و قال: أنها أحسن الروايات إسناداً. و أبو يعلى (5128 – 5334) و غيرهم.
و رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود و أبي الأحوص. أخرجه أبو داود (996) و الطبراني (10173) و الشاشي في " مسنده " (695 و 696)
و رواه هشام الدستوائي عن حماد عن إبراهيم النخعي عن الأسود. أخرجه الطبراني (10189) بسند صحيح. و كلها روايات مرفوعة و بدون تلك الزيادة المنكرة.
و الخلاصة بعد هذا الإستعراض المفصل للروايات التي ورد فيها ذكر السلام من حديثي عبد الله بن مسعود و وائل بن حُجر رضي الله عنهما، تبيّن لنا أنه لم يصح في هذا الباب شيء. و كل ما قيل فيه، قال النووي رحمه الله في " الأذكار " (1/ 159): و اعلم أن الأكمل في السلام أن يقول عن يمينه " السّلام عليكم و رحمة اللّه " و عن يساره " السّلام عليكم و رحمة اللّه "، و لا يُستحبّ أن يقول معه: " و بركاته "، لأنه خلاف المشهور عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و إن كان قد جاء في رواية لأبي داود. و قد ذكره جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين و زاهر السرخسي و الرويّاني في الحلية، و لكنه شاذ، و المشهور ما قدّمناه و اللّه أعلم.اهـ
قلت فات الأخ عبدالوهاب بعض الطرق
فقد روى الحديث بهذه الزيادة مشكدانة عن وكيع وأبو نعيم عن سفيان به
كما في مسند السراج
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار 2/ 222 وقال: هكذا في أصل سماعنا من مسند السراج بخط الحافظ مجد الدين بن النجار وكذلك وجده بخط الحافظ زكي الدين البرزالي
وكذلك ذكر أن هناد بن السري _ وهو ثبت _ روى الحديث بهذه الزيادة عن أبي الأحوص
والخلاصة أن الزيادة محل اجتهاد بين أهل العلم فقد صححها ابن خزيمة وابن حبان _ كما أفاد الحافظ في التلخيص _
حيث قال ((تنبيه: وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة (وبركاته) وهي عند ابن ماجة أيضاً،وهي عند أبي داود أيضاً في حديث وائل بن حجر فيتعجب من ابن الصلاح، حيث يقول إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث))
وكذلك صحح هذه الزيادة الحافظ ابن حجر
وأفادني أحد الأخوة أن ابن عبدالهادي صححها في المحرر
إذا علمت هذا عرفت أن قول الأخ عبدالوهاب ((الزم جادة السلف .... )) إلخ آخر كلامه ليس في محله
ولا يشنع على الناقد لعدم وقوفه على الرواية التي تعل الرواية التي يصححها فلو فتحنا هذا الباب لما سلم أحد من التشنيع
فكم من إمام حافظ يقول ((انفرد فلان بهذا الحديث))
ويثبت خلاف ذلك فالإنصاف الإنصاف
¥