تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فى امرأة أنامت صبيا إلى جانبها فأصبح ميتا، قال " إن مات من فعلها مثل أن تجر اللحاف على وجهه ثم ينام فينقلب فيموت غما … فلا شك أنها قاتلة خطأ، وقد روى مثل ذلك عن إبراهيم النخعى فيمن طرحت على الصبى ثوباً ()، وإن نخس دابة فالناخس هو المباشر لتحريك الدابة ()، ومن استسقى قوما فلم يسقوه حتى مات فإن كانوا يعلمون بيقين أن لا ماء له البتة إلا عندهم، ولا يمكنه إدراكه أصلا حتى يموت فهم قتلوه عمدا، وإن كانوا لا يعلمون فهم قتلة خطأ. إذ منعوه ما لا حياة له إلا به، وهكذا القول فى الجائع والعارى ولا فرق، وكل ذلك عدوان …، ومن تبعه سبع فتركوه فأخذه السبع وهم قادرون على إنقاذه فهم قتلة عمدا إذ لم يمت من شئ إلا فعلهم. وهذا كمن أدخلوه فى بيت ومنعوه الطعام والشراب حتى مات ولا فرق () وفى الجرة توضع إلى باب أو إنسان يستند إلى باب فيفتح الباب فاتح فيفسد الطعام، أو يقع الإنسان فيموت، فهو ضامن للمتاع والدية على عاقلته والكفارة عليه، لأنه مباشر لإسقاط المتاع وإسقاط المسند ()،ولو أن إنسانا يعمل فى بئر وآخر يستقى فانقطع الحبل فوقعت الدلو فقتلت الذى فى البئر، فإن كان ذلك لضعف الحبل فهو قاتل خطأ … لأنه مباشر لقتله () وفى راكب الدابة قال " وجدناه مصرفا لدابته حاملا لها فماأصابت مما حملها عليه – فضامن – لأنه متعد مباشر للجناية، كذلك القائد إن كان يمسك الرسن أو الخطام، وكذا السائق إن حملها بضرب أو نخس أو زجر على شئ ما " ()

ومن ركب دابة ولها فلو بفتح الغاء وسكون اللام وهو ولدا الدابة - يتبعها فأصاب الفلو إنسانا أو مالا فهو الحامل له على ذلك. برهان ذلك أنه فى إزالته أمه مستدع له إلى المشى وراءها فهو المباشر لاستجلابه ().

وكذلك من استدعى بهيمة بشئ تأكله () أو أشلى أسدا على إنسان،

أو حنشا،لأنه فى إطلاقهما على الإنسان مباشر لإتلافه. وكذلك إن أشلى الكلب على إنسان أو حيوان () ولو طرحه إلى الأسد أو الكلب فقتله فعليه القود – لكن – لو طرحه إلى أهل الحرب أو البغاة فقتلوه فهم القتلة لا الطارح، بخلاف طرحه إلى من لا يعقل لأن من لا يعقل آلة للطارح ()، وكذلك لو أمسكه لأسد فقتله أو لمجنون فقتله فالممسك ها هنا هو القاتل ()، ومن شق نهرا لمنفعة أو لغير وهو لا يدرى أنه لا يصيب به أحداً فما هلك به فهو قاتل خطأ، ويضمن فى كل ذلك ما أتلف من المال، وهكذا القول فيمن ألقى نارا أو هدم بناء، ولو ساق ماء فمر على حائط فهدم الماء الحائط فقتل فكما قلنا سواء بسواء ولا فرق، لأن كل من ذكرنا مباشر لإتلاف ما تلف ().

125 - وواضح من الأمثلة أنها تطبيق لحد المباشرة باعتبارها " إيجاد علة الهلاك " مع تفسير العلة بأنها " ما ظهر تأثيره بإضافة الحكم إليه " واعتبار ما لا يعقل آلة للمباشر فى إحداث الضرر لا يصح إحالة الحكم عليها ما لم تكن علة حقيقية، وهو ما نميل إليه فى تقرير ضمان الأضرار الناشئة عن استعمال الأشياء.

المبحث الثانى

قاعدة المباشر ضامن وإن لم يتعد

المطلب الأول

أهمية القاعدة

126 - أظهر القواعد الفقهية الحاكمة فى ضمان الفعل قاعدة " المباشر ضامن وإن لم يتعد والمتسبب لا إلا إذا تعدى "، وقد اشتهر () أن هذه القاعدة استخلصها الفقيه المصرى ابن نجيم الحنفى من عبارات المتقدمين فى بيان أحكام الإتلاف والجنايات، وبخاصة فى شرائط الوجوب فى القتل الجارى مجرى الخطأ والقتل بسبب، غير أنه صاغها مرة بلفظ " المباشر ضامن وإن لم يتعمد، والمتسبب لا إلا إذا كان متعمدا " () ثم عاد وصاغ شطرها بلفظ " يضمن المباشر وإن لم يكن متعديا " ().

وتبعه على النص على هذه القاعدة الفقيه ابن غانم البغدادى فى مجمع الضمانات، وصاغها أيضا مرتين: -

أولاهما: بلفظ " يتعدى " إثباتا ونفى.

ثانيهما: بلفظ " المباشر ضامن وإن لم يتعمد ولم يتعد،والمتسبب لا يضمن إلا أن يتعدى "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير