تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

127 - وبصياغة ابن نجيم أخذت مجلة الأحكام العدلية () المادتان 92، 93 وكذلك قانون المعاملات المدنية السودانى لعام 1984 فى المادة 5 فقرة ر، ش، وبنحو التخليط الوارد فى الصياغة الثانية للبغدادى أخذ التقنين المدنى العراقى لسنة 1951 فى المادة 186، وقانون العمل غير المشروع الكويتى الصادر بالقانون رقم 6/ 1961 فى المادة 3، والتقنين المدنى الأردنى الصادر فى 1976 فى المادة 257، وأخيرا صدر القانون المدنى الكويتى لسنة 1980 ونص فى المادة 227 منه على أن:

1 – كل من أحدث بخطئه ضررا بغيره يلتزم بتعويضه، سواء كان فى إحداثه مباشرا أو متسببا.

2 – ويلتزم الشخص بتعويض الضرر الناشئ عن فعله الخاطئ ولو كان غير مميز.

وما يعنينا التنبيه عليه أن القاعدة وضعت موضع التطبيق فى كثير من القوانين، وأن واضعى التقنينات قد تأثروا بصياغة ابن نجيم، خاصة وقد أيدها كثير من شراح القانون كما سيظهر لنا.

المطلب الثانى

موقف المعاصرين من صياغة القاعدة

128 - ينقسم المعاصرون بالنظر إلى صياغة القاعدة إلى فريقين:

فريق: يرى أن صياغة ابن نجيم والتى أخذت بها مجلة الأحكام هى الصياغة الصحيحة.

وفريق آخر: يرى أن تعبير المجلة يجافى أساس الضمان فى الفقه الإسلامى، وأن ما جاء علي لسان ابن نجيم إما أن يكون من قبيل الخطأ الكتابى أو متابعة لخطأ وقع فيه بعض المتقدمين من الحنفية فى تفسير مذهب الإمام أبى حنيفة.

129 - أولاً: الفريق الأول ويصوب تعبير ابن نجيم

أكثر أنصار هذا الفريق من المشتغلين أصلا بالفكر القانونى الوضعى، والذى هو نتاج مدرسة كانت وما زالت تعتنق فكرة الخطأ أساسا لقيام المسئولية المدنية ()، وليس المراد من الخطأ هنا انتفاء قصد الفعل أو الأثر، أى مقابل العمد وإنما المراد منه " الإخلال بواجب قانونى مقترن بإدراك المخل إياه " () ومقتضى هذا أنه لابد لقيام ركن الخطأ من توافر عنصر موضوعى أو مادى يتمثل فى الإخلال بواجب قانونى، وعنصر شخصى أو نفسى يقتضى توافر التمييز والإدراك لدى المخل بهذا الواجب () ويتحقق هذا الأخير متى كان مرتكب الفعل الضار قد قصد الإضرار بالغير، أو على الأقل كان يتوقع حدوث الضرر بفعله، ولم يثنه ذلك عن فعله، أو لم يحمله على اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادى الضرر ()

وعلى الرغم مما تلقاه هذه الفكرة من هجوم ضار، تمكن من تقليصها إلى حد كبير، خاصة فى مجال المسئولية عن الأشياء، حتى قيل " تاريخ الخطأ يتلخص فى استمرار زواله أو أنه فى زوال مستمر " ()، فإن غاية ما وصل إليه الأمر هو ازدواج نظام المسئولية التقصيرية بالنسبة إلى الأساس التى نقوم عليه، ففى مجال العمل الشخصى تقوم على أساس الخطأ، وفى غيره تقوم هذه المسئولية على قواعد خاصة ().

130 - والظاهر أن أساتذتنا من أنصار هذه المدرسة إذ استقروا أحكام الضمان فى الفقه الإسلامى نظروا فيها بعين الناظر فى الفقه القانونى لنظرية المسئولية المدنية، أو المسئولية الجرمية كما يسميها بعضهم () لاسيما وقد ولجوا هذا المضمار من مدخل مجلة الأحكام العدلية التى ارتضتها دولة الخلافة قانونا يحكم العلاقات المدنية فى الولايات الخاضعة لنفوذها، وأقل ما يفيده هذا التطبيق أن تكون المجلة عنوانا على فقه الشريعة الغراء، ومن هنا أخذ هذا الفريق نص المادتين (92، 93) من المجلة مأخذ اليقين، لا سيما وأنه من عبارة أحد أشهر جامعى القواعد الفقهية الإسلامية، فضلا عما يؤيد هذا النص من فتاوى فقهية مخرجة على أراء المتقدمين من الأئمة والمشايخ فى الفقه الحنفى،المذهب الرسمى لدولة الخلافة.

ونظرا لما فى لفظه " التعمد " – إثباتا ونفيا – من اعتبار الإدراك والتمييز، فضلا عما لها من شبه تقسيم الخطأ إلى خطأ عمدى أو جسيم، وخطا بسيط () ظن هذا الفريق انهم عثروا على ضالتهم المنشودة التى قد تعنى ما للفقه الإسلامى من فضل السبق على الفقه الغربى فى التعرف على " نظرية الخطأ "، وربما لهذه العقيدة تباروا فى الدفاع عن نص المجلة حتى اتهموا الفقيه ابن غانم البغدادى أنه " قد نقل القاعدة بعبارة مغلوطة، وضع فيها كلمة التعدى مكان التعمد " زاعمين أنه " ربما كان هذا من أسباب الغلط فى عدم التمييز بين التعدى والتعمد عند بعض المتأخرين ()، ومن هنا كان بدهياً أن يقرروا أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير