تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نظرية الشرع الإسلامى بالجملة تشترط وجود التعمد " الخطأ " فى الإضرار تسبباً فقط ولا تشترطه فى المباشرة " ().

كما حاول بعضهم أن يعتذر للفقيه البغدادى لاستعماله لفظة " التعدى " فزعم أن البغدادى إنما أتى – بعد إيراد القاعدة " بأمثلة كلها تفيد اشتراط الحظر فى إتلاف المتسبب، والفعل لا يكون محظورا إلا مع القصد، ولأن الفعل الصادر لا عن نية لا أثم فيه " () وبعد أن يدلل على قوله بصياغة ابن نجيم يشير إلى فروع عديدة أوردها صاحب جامع الفصوليين تدل على تضمين المتسبب متى كان جانيا، والفعل الذى باشرة المتسبب كان جناية لا حق له فيه، ثم يقول " إن من قال من الفقهاء إن التعدى فى الفعل المباشر وعدمه سواء يعنى أن الفعل فى حالة المباشرة لا يشترط أن يكون محظورا بخلاف التسبب، فقط تأثر فى العبارة بقول الله تعالى " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " () أى عن قصد ()، مراده أن التعدى والعمد فى الدلالة سواء، غاية الأمر أن الفقهاء – غير ابن نجيم – فضلوا التعبير القرآنى، فالأمر محض اصطلاح.

وعلى ضوء هذا كان منطقيا أن يرادفوا بين ألفاظ " التعمد، والتعدى، والخطأ " بحسبانها أوجها لعملة واحدة، كما لا يستغرب وفق منهجهم أن يقسموا الخطأ التعدى " إلى:

تعدى قصدا، وخطأ (تعدى) التقصير، والتعدى بقلة الاحتراز ()

وواضح مدى التشابه بين التقسيم ولغة التعبير وتقسيم الخطأ فى الفقه القانونى.

131 - وعلى الرغم من كثرة النقد الذى وجه - ولا يزال -إلى تعبير المجلة بلفظة " يتعمد " فإن ما لقيه هذا التعبير من مناصرة القانونيين كان له أثره فى محاولات التقنين المستقاه من التشريع الإسلامى () وإن كنا نظن أنه بأفول نجم فكرة الخطأ- على ما يوحى التوجه القانونى المعاصر – ستعود الأمور إلى نصابها الصحيح ().

132 - ثانيا: الفريق الثانى ويعترض على صياغة ابن نجيم:

يرى المتخصصون فى الفقه الإسلامى، ونفر من الباحثين من علماء القانون أن التعبير بلفظه " يتعمد " ليس صوابا، لما فيه من مجافاة لمنهج الفقه الإسلامى فى الضمان، والذى يقوم على ركيزتين أساسيتين:

الأولى: أن الضمان من خطابات الوضع فلا يشترط فيه التكليف.

الثانية: أن الضمان شرع لرفع الضرر، وجبر ما فات لا العقوبة عليه ().

وهاتان الركيزتان تنفيان من باب الضمان اعتبار القصود والآثام، فلا يلزم أن يكون الفاعل خاطئا أو مخطئا، بل لا يلزم أن تكون له أهلية أداء البتة، كما لا يلزم أن يكون فعله محظورا بأصله، فقد يكون فعلا مندوبا إليه فإذا أتاه فألحق ضررا بالغير يضمن إذا أخطأ الطريق، لأن قضية القربة لا تنافى الغرامة إذا أخطأ المحسن الطريق.

وفى معرض الرد على تعبير المجلة يقولون: " هناك احتمالان فى تفسير سبب الوقوع فى هذا الخطأ:

أولهما: متابعة خطأ كتابى وقع فى بعض الكتب السابقة كأشباه ابن نجيم الذى وردت فيه القاعدة نفسها بلفظ " يتعمد " والثانى: متابعة خطأ وقع فيه بعض المتقدمين فى تفسير مذهب الإمام أبى حنيفة فى تضمين المتسبب، خاصة وأن إمام المذهب لا يرى تضمين المتسبب إلا فى تلك الأحوال التى يبلغ الخطأ فيها من الجسامة مبلغاً يقربه من العمد " ()

المطلب الثالث

موقف الأقدمين من صياغة القاعدة

133 - على قدر إطلاعى فإننى لم أجد هذه القاعدة منصوصاً عليها عند غير الحنفية والزيدية، وإن صح القول بصدق معناها عند جميع المذاهب فيما خلا اختلافا يسيرا فى جناية الصبى والمجنون – سأورده لاحقا – أما الحنفية ممن سبقوا ابن نجيم فلم أقف، عندهم على نص القاعدة بتمامها، وإنما وردت مجزأة على هذا النحو:

فى المباشرة قالوا " فى المباشرة الملك وغير الملك سواء " القتل بطريق المباشرة يستوى فيه المواضع كلها " و" التعدى ليس من شرط المباشرة فى وجوب الضمان " ()

وفى التسبب قالوا " التسبب ينزل منزلة المباشرة فى وجوب الضمان" () وأن " التسبب إذا لم يكن تعديا لا يكون سببا لوجوب الضمان " ().

وظاهر أن المباشرة وردت مطلقة من كل قيد، أما التسبب فورد مقيدا بوصف التعدى، وهى اللفظة المنصوص عليها عند كافة المصنفين من الحنفية وغيرهم ()

134 - ومع هذا فإن لفظة " التعمد " ورد ذكرها غير مرة عند الحنفية – من المتقدمين والمتأخرين – وذلك فى المسائل الآتية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير