تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 – نسب إلى واضعى المجلة أنهم أخطأوا النقل بمتابعة خطأ كتابى وقع فى عبارة ابن نجيم فى الأشباه، وهذا ادعاء لا يصح،لأن ما أورده ابن نجيم من فروع للدلالة على القاعدة يقطع بأن الصياغة مقصودة، وليست زلة قلم، كما أن شواهدها منقولة وليست من تخريج ابن نجيم ()

2 – ولكن ما يؤخذ على واضعى المجلة حقا أن ما يتخرج على صياغة ابن نجيم – على فرض التسليم بصحتها – لا يعدو بضعة أفرع مختلف فيها، فى مقابلة عدد لا ينحصر من الفروع المشروط الحكم فيها بوصف التعدى لا التعمد ولو راعوا أن قواعد الفقه أكثرية () أو أن، " للأكثر حكم الكل " () وأن النادر لا حكم له" () لما وقعوا فى هذا الخطأ خاصة وأن ابن نجيم نفسه قد عاد فساق القاعدة بعد ست صفحات من كلامه الأول بلفظ " المباشر ضامن وإن لم يتعد " () ونص فى البحر الرائق على أن " شرط الضمان فى السبب أن يكون تعدياً " () وقد تتبعت عبارته فى الموطن الأصيل للجناية تسببا فى أبواب " ما يحدث الرجل فى الطريق"،و " أحكام الحائط المائل " وباب " جناية البهيمة " فلم أجده ذكر مرة واحدة لفظه التعمد هذه، بينما اطرد ذكر التعدى فى كلامه، كما اطرد فى عبارة غيره.

139 ثانيا: تقدير صنيع ابن نجيم رحمه الله

يرى بعض الباحثين أن المرجع فى صياغة ابن نجيم خطأ وقع فيه بعض المتقدمين فى تفسير مذهب الإمام أبى حنيفة خاصة وأن الإمام لا يرى تضمين المتسبب إلا فى تلك الأحوال التى يبلغ الخطأ فيها من الجسامة مبلغا يقربه من العمد ()

والحقيقة أن ما نسب إلى الأقدمين لم أقف على وجهه، وما نسب إلى الإمام - مع خطورته – لم يدلل عليه قائلوه، وقد طلبته فى مظانه من المطولات والمختصرات والفتاوى فلم أجده، بل لا أغالى إذا قلت بعكسه، على ضوء ما يظهر من مذهب الإمام وأصحابه فى حكم الارتفاق بالطريق، فهو كما رأينا أكثر تحوطا للمارة من غيره، كما نقل فى الارتفاق بالمسجد أنه " لو قعد رجل في المسجد أونام أوقام لغير الصلاة فمر به إنسان فعطب كان ضامنا لمن في قول أبى حنيفة، كما لو قعد فى الطريق، وعلى قول صاحبيه لا يكون ضامنا كما لو كان جالسا للصلاة " () فبأدنى تأمل يلحظ مدى بعد الجلوس فى المسجد، ولو انتظارا للصلاة، عن مفهوم الخطأ الجسيم الذى أقل ما يعنيه أنه " ذلك الخطأ الذى يقع عن إهمال كان يمكن الاحتياط منه ولم يفعل " () ومع هذا نجد الإمام يقول بالتضمين خلافا لصاحبيه.

140 - وفى رأيى:

أن فى خطة ابن نجيم فى الأشباه ملحظا آخر غير حمل كلامه على التقعيد، حاصله أنه لم يورد العبارة مورد القاعدة وإلا لما خالفها بعد، وإنما أوردها فى معرض حديثه فى الغصب مشيرا بها إلى أن " الجهل عند الحنفية معتبر لدفع الفساد" ().

وعليه ترد المناقشات الآتية:

أ – أما أن الجهل معتبر لدفع الفساد فليس ذلك بإطلاق عند الحنفية () بل إن هذا الحكم مردود من قبل الجمهور فى حقوق الآدميين خاصة () ومخصوص عند الجميع " بالجهل الناتج عن عدم التبليغ، أو عدم انتشار الخطاب، فأما إذا انتشر الخطاب فقد تم التبليغ، فمن جهل عندئذ فجهله لتقصيره كمن لم يطلب الماء فى العمرانات ويتممم، وكان الماء موجودا لا يصح " ().

ب – وفى رأيى أن مسألة الإرضاع من هذا القبيل فلا يصح أن يعذر فيه بالجهل، فسقط اعتبار جهل الكبيرة بفساد النكاح بإرضاع الصغيرة،

بيانه: أن جهلها بنكاح الصغيرة جهل بحقوق الآدميين، والقاعدة عند الحنفية وغيرهم أن " العلم بكون المتلف مال الغير ليس بشرط لوجوب الضمان، فمن أكل مال إنسان جاهلا ضمنه " () على أساس أن " اختيارات المكلف لا تأثير لها فى الأسباب " () فالفاعل ملتزم لجميع ما ينتجه السبب من المصالح أو المفاسد، وإن جهل تفاصيل ذلك ()، وإن سلمنا أن هذا جهل بالسبب وأنه مؤثر، فليس كل جهل يعفى عنه، وإنما يعفى عن الجهل الذى يتعذر الاحتراز عنه عادة، وما لا يتعذر الاحتراز عنه، ويشق، لم يعف عنه () والعلم بالنكاح من هذا القبيل فإن مبناه على الشهرة.

أما دعوى إرضاع الصغيرة لضرورة خوف هلاكها فلا يدفع الضمان لأن غاية فعلها أن يكون قربة والمقرر عند الحنفية أنفسهم أن " قصد القربة لا ينافى الغرامة إذا أخطأ – المحسن – الطريق " ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير