تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجماع القول فى القضية محل الاستشهاد كما يقول الإمام السيوطى " إن قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقا، وأما الحكم فإن وقعا فى فعل منهى عنه ليس من باب الإتلاف فلا شئ فيه، أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان" ()

وتأسيسا على ذلك فقد رأى الإمام محمد بن الحسن وزفر وجمهور العلماء أن من أفسد نكاح امرأة قبل الدخول بها برضاع أو غيره فإنه يجب عليه نصف المهر، علم أو جهل، فحقوق الآدميين لا تسقط بالجهل والخطأ" () وهذا هو الراجح لا شك إذ أن الشارع الحكيم قد ألغى اعتبار النسيان فى حقوق الآدميين مطلقا () و" النسيان يهجم على العبد قهرا لا حيلة له فى دفعه، والجهل له حيلة فى دفعه بالتعليم " () فإذا ألغى ما ليس للعبد فيه حيلة، فلأن يلغى ما له فيه حيلة فذلك أولى.

ج – وما يرد على مسألة الإرضاع يرد على مسألة التقبيل بشهوة، وإذا صح ما عقبت به سقط شاهد الصياغة، ولم يبق لها متعلق.

141 - وإن سلمنا أن ما ساقه ابن نجيم كان بقصد التقعيد، فإن القاعدة بهذه الصياغة لا تصح، لا بالنظر إلى شاهدها – مسألة الإرضاع – ولا بالنظر إلى المسائل المخرجة على هذا الشاهد.

أ – أما مسألة الإرضاع فلما سبق

ب – والمسائل المخرجة على مسألة الإرضاع يرد عليها ما يلى:

1 – أما مسألة الحبل فالذى عليه المتون أن القاطع يضمن دية الساقط مطلقاً () ولهذا قال البغدادى " ولم أدر من أين ذهب قاضى خان إلى ما

ذهب" () وهذا صحيح – إذا كان الوقوع من أثر القطع – لأن المعتمد عند الحنفية أن قصد القربة لا ينافى الغرامة إذا أخطأ المحسن الطريق ()

2 – أما مسألة الإجهاض فلا ينبغى أن يعول عليها، لأن الظن بالأم أن لا تسقط جنينها، والتداوى مباح، بل قد يجب حفظا لنفسها وللولد، وبهذا الاعتبار الأخير فإن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة () وباعتبار الإباحة فالفعل مأذون فيه فيتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه لا ما لا يمكن ()، فلما تمكنت الشبهة فى الفعل احتاج الدفع إلى مزيل قوى، ومن هنا ناسب اشتراط العمدية فى التضمين على خلاف القواعد.

3 – وأما شرط العلم بالضرر فى صب الماء فى الملك فتخريجا على قول ظاهر الرواية، وقول أكثر المشايخ – وهو المختار للفتوى – أن الضرر البين يمنع منه، ولا غيره فى ذلك بالقرب والبعد () وهذا هو الأنسب لنصوص الشرع القاضية بمنع الضرر () فالفعل المباح سبب للضمان فى حق الغير، علم الفاعل أو لم يعلم.

4 – ونفور الطير ليس ملحظه العمد والخطأ أصلا، وإنما ملحظه أن الفعل الموجب للضمان – عند الحنفية – ما يلاقى العين () والمار لم يقع منه هذا الفعل فلا يضمن، أما إذا أهاجه فقد أحدث فعلا فيضمن، ولعهم لا حظوا أن الطير ينفر من الإنسان بطبعه، فاحتاج ضمانه إلى نصب سبب قوى يمكن إحالة الضمان عليه، وليس من ذلك مجرد الدنو، لأنه يتعذر الاحتراز منه، ومثل ذلك نفور الدابة.

5 – وأخيرا فإن تخريج الإمام أبو بكر البلخى مخالف لما عليه ظاهر الرواية وعامة الفقهاء ().

142 - وحاصل القول فى صياغة الإمام ابن نجيم:

أنه بناء على ما تقدم يمكن القول بأن هذه الصياغة ليس لها من شاهد معتبر، فالصور التى بنيت عليها كلها يلحقها القدح، بالنظر إلى الدليل،وكذلك بالنظر إلى الصناعة.

أما باعتبار الدليل: فلأن الشارع ربط الضمان بالإتلاف من باب ربط الأحكام بأسبابها، والأصل فى الأسباب اعتبارها ما أمكن، فإذا انعقد السبب وحصل فى الوجود صار مقتضيا شرعا لمسببه دون نظر إلى اختيارات الفاعل من العلم والجهل، والعمد والخطأ، والذكر والنسيان () فكان اشتراط العمد فى الضمان مخالفة لغرض الشارع منه فلا يصح.

وباعتبار الصناعة فإن الصور التى تشهد لها – إن سلمناها – من الندرة بحيث لا تكاد تذكر، والمعهود شرعا وعقلا أن " الشرائع العامة لا تبنى على الصور النادرة" ().

وعلى ضوء هذا كله يمكننا القول بلا تردد بتخطئة واضعى المجلة ومن حذا حذرهم فى النص على وصف " التعمد " كمرادف " التعدى " لما ذكرنا، ولما سيأتى فى بيان معنى التعدى.

المطلب الخامس

تقدير صياغة ابن غانم البغدادى

143 - كما سبق فإن للبغدادى صياغتين للقاعدة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير