تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولاهما: اقتصر فيها على ذكر التعدى نفيا وإثباتا. والثانية: نص فيها على التعدى والتعمد فى النفى، واقتصر على ذكر التعدى فى الإثبات ().

والصياغة الأولى صحيحة دليلا وفقها على ما ظهر من مناقشة صياغة ابن نجيم، أما النص على " التعمد والتعدى " معا كما فى الصياغة الثانية، فليس مراده ما فهم البعض من اعتبارهما معا فى ضمان التسبب بحجة أن " التعدى هو تجاوز الحق، أوما يسمح به الشرع " وأن " التعمد هو أن يصدر الفعل عن قصد وإرادة " () حتى أن أحدهما لا يغنى عن الآخر - كما يقولون-.

لأننا إذا تمسكنا بنص العبارة فإنه نص على نفى " التعمد والتعدى " فى المباشرة، وسكت عن " التعمد" فى التسبب، ولو كان شرطا لما سكت عنه.

144 - والظاهر - فى نظرى -أن البغدادى أورد لفظة " التعمد " لنكتة القصد منها تضعيف قول الشيخ البلخى فى عدم ضمان الماشى ما لم يره () المذكور آنفا، وقول ابن رستم بعدم تضمين قاطع الحبل إن قصد الإصلاح ().

والدليل على عدم صحة اشتراط التعمد فى ضمان التسبب جملة من الفروع أوردها البغدادى نفسه كشواهد على القاعدة.

ومن ذلك:

1 – " ثور يعتاد أكل الثياب، وساقه صبى صاحب الثور إلى فناء فيه تجار ثياب، فقيل للصبى: احفظ الثور وجد،ن فلم يفعل حتى أكل ثوبا منه، يضمن الصبى، وإن لم يكن متمكنا من دفعه لا يضمن إلا إذا أقربه" () والصبى لا عمد له فى قول الحنفية كما سيأتى.

2 – " ولو أن حائطا – أشهد على ميلانه – سقط على إنسان وقتله ثم عثر رجل بنقض الحائط فعطب، وعثر رجل بالقتيل وعطب، فضمان من عطب بالقتيل على عاقلته لأن رفع القتيل من الطريق على عاقلته" () والقتيل لا قصد له ولا اختيار، وعاقلته لم تعمد عثاره ولا دخل لها به.

وسيتضح الرأى أكثر بيان معنى التعدى فى القاعدة.

المبحث الثالث

مفهوم التعدى وأهم أحكامه

وقيمة النص على نفيه فى القاعدة

المطلب الأول

مفهوم التعدى

145 - رأينا فيما سبق أن بعض الباحثين يرادف بين التعدى والتعمد والخطأ بمعناه القانونى، كما لوحظ أن أكثر النصوص القانونية المستقاة من قاعدة الضمان تنحى هذا المنحى، بل إن بعضها يشترط التعدى فى المباشرة كالمادة 186م عراقى و (م 3) من قانون العمل غير المشروع وم 277 م الكويتيان، وحتى يتضح لنا صدق أو عدم صدق هذه التوجهات نعنى ببيان مفهوم التعدى على النحو التالى:

146 - أولاً: باستقراء التعبير الفقهى ظهر أنه ما إن يذكر التسبب إلا ويقرن بوصف " التعدى" و فى الأعم والأغلب يرد التعبير بلفظ الفعل " تعدى " أو المصدر " تعدى " أو اسم الفاعل " المتعدى " وأحيانا يستعلمون لفظتى " العدوان " و " الاعتداء " ()

147 - ثانيا: والتعدى والاعتداء والعدوان فى اللغة مشتقات من مادة " عدا " التى مدارها فى اللغة على معنى تجاوز الحد، يقال " عدا " يعدو " عدوانا " و " عداء " ظلم وتجاوز الحد، واعتدى و "تعدى ": مثله، و " عدوته " " أعدوه " تجاوزته إلى غيره، و " عديته " و " تعديته ": كذلك والاستعداء: طلب النصرة، أى طلب قوة إلى قوته، و" العدوى ": طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك: أى ينتقم منه باعتدائه عليك، ومسافة " العدوى ": ما تقطع ذهابا وعدوا بعدو واحد متصل، و " العدوة " جانب الوادى، و"العدوى " فى المرض مجاوزة المريض إلى من قاربه، وواضح أن مدار اللفظة على معنى تجاوز الحد ().

ثالثاً: وفى هذا المعنى وردت اللفظة فى القرآن الكريم وذلك فى غير آية كقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " () وقوله تعالى " تلك حدود الله فلا تعتدوها " () وقال " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " () فلم يختلف قول المفسرين فى أن التعدى: مجاوزة الحد، وأن العدوان: ما كان محرم القدر والزيادة ().

148 - رابعاً: فى الاصطلاح الفقهى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير