تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يشيع استعمال لفظة " التعدى " بالمعنى اللغوى () وهو مجاوزة الحد أو القدر بالزيادة أو الانتقاص كما فى قولهم " فإن قصد أن يفعل الجائز فأخطأ بفعل غيره أو جاوز فيه الحد، أو نقص فيه عن الحد، فتولد منه تلف يضمنه " ()، أو بتفويت حق الغير كقولهم " فى البالوعة يحفرها الرجل فى الطريق فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لم يضمن، وإن كان بغير أمره فهو متعد " () لا فتياته على الحاكم ()، " فالتعدى يكون إذا فوت حقا على غيره " ()، أو بالتقصير فى اتخاذ ما يلزمه من تحرز وانتباه كما " لو قاد قطارا فوطئ بعير إنسانا ضمنت عاقلة القائد، لأن القائد عليه حفظ القطار كالسائق وقد أمكنه التحرز عنه فصار متعديا بالتقصير فيه " () وكذلك " إن ساق دابة فوقع سرجها أو غيره من أدواتها على إنسان فمات ضمن السائق لأنه متعد فى هذا السبب، لأن الوقوع بتقصير منه، وهو ترك الشد والإحكام فيه " ()، أو بالإهمال فى حفظ ما يلزمه حفظه فلو أن " بقرة مرت على قنطرة فدخلت برجلها فى ثقبها فانكسرت، أو دخلت الماء والماء عميق، والراعى لم يعلم وهو لم يسبقها ضمن إذا أمكنه صونها " ()، أو بمخالفة العادة فى الفعل " فلو غرقت السفينة بلا مد ملاح أو بفعله فلا شئ عليه باتفاق، وإن بفعله فلو خالف بأن جاوز العادة ضمن إجماعا " ()، أو بعدم التحوط لما ينبغى التحوط له " فمن يجسر الجسور إذا جسرها ولم يحتط فى تجسيرها حتى غلب عليها الماء فتلف به شئ ضمن " ().

149 - وواضح من الأمثلة:

أن التعدى يكون بفعل ما أمر بتركه وهو التجاوز إلى ما هو أكثر من الحق، أو ترك ما أمر بفعله وذلك بتجاوز الفرد بسلوكه إلى ما هو أقل من الواجب، شرعا أو عرفا أو عادة ولو بمناسبة فعل مشروع " لأن ما لا تسلم عاقبته لم يكن مأذونا فيه، فالمتولد منه يكون مضموناً " ().

وبناء على هذا عرف بعض الباحثين التعدى بأنه " مجاوزة ما ينبغى أن يقتصر عليه شرعا أو عرفا أو عادة " ()، وفى ظنى أنه يحسن استبدال لفظة " مجاوزة " بلفظة " مخالفة " دفعا لشبهة قصر المعنى على التجاوز بالزيادة لأن المخالفة كما تكون بفعل المنهى عنه، تكون بترك ما يجب، فهى أنسب لكافة صور التعدى، كما أن الأنسب إلى لغة الفقهاء التعبير بلفظ " الحد المأذون به " فهو أخصر وأعم. ولذا أرى أن يكون معنى التعدى " مخالفة الحد المأذون به" ().

ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[18 - 05 - 07, 12:04 ص]ـ

المطلب الثانى

أهم أحكام التعدى

الفرع الأول

التعدى والتعمد

150 - العمد فى اللغة وفى اصطلاح الفقهاء هو القصد مع العلم بالمقصود وإرادته ()، والتعمد هو " إتيان فعل بقصد الإضرار بنفس الغير أو بماله " ()، أو هو: توجه الإرادة نحو الفعل ونتائجه ()، أما التعدى فمداره كما رأينا على مجاوزة أو مخالفة الحد المأذون به قصدا أو خطأ. فهو أعم من التعمد فى الوضع اللغوى والاستعمال الفقهى.

151 - وهذه الحقيقة مع وضوحها يراها بعض المحدثين مغلوطة فيتهم بعضهم الفقهاء عند استعمالهم للفظة التعدى فى معنى التعمد بعدم التمييز بين التعدى والتعمد ()، بينما يرى البعض الأخر أن مراد الفقهاء من التعدى هو التعمد، وما الاستعمال الفقهى إلا من قبيل تضمين الكلام بألفاظ القرآن الكريم ().

152 - وكلا الإدعائين محل نظر: -

أ- أما الأول: فلأن التعدى أعم من التعمد، فالتعمد أحد أفراده، وبعبارة أخرى يمكن القول بأن التعدى نوعان: تعد أثم، وهو المقصود به الإضرار،وتعدى غير أثم، وهو مخالفة الحد من غير قصد الإضرار، وكلاهما يضمن آتيه ما يتولد منه من أضرار، لأن الآثام والقصود لا مدخل لها فى باب الضمان – وقد سمى الله المتجاوز قصدا متعديا فقال " لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه … .. " () وقال " ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا " ()، فالعدوان:هو التعدى على الحق، وهو يتعلق بالقصد فمعناه أن يتعمد الفاعل إتيان الفعل وهو يعلم أنه قد تعدى الحق وجاوزه إلى الباطل ()، وقال " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ()، قال المفسرون الإثم ما كان محرم الجنس، والعدوان ما كان محرم القدر والزيادة ()، وظاهر الآية النهى عن التواطؤ عليهما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير