تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثانى: ما جاء فى شرح كتاب النيل عن الديوان " أن جساسة – أى دلالة – الطفل والمجنون فيها قولان، أى إذا دل طفل أو مجنون أخر، على ما هو لأخر يضمنان فى أحد القولين " ()، والدلالة تسبب ().

وزيادة على ما ذكر سيادته نورد هذه الأمثلة: -

1 – جاء فى الهداية ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت فى فورها فهو على الناخس، فإذا كان عبدا فالضمان فى رقبته، وإن كان صبيا ففى ماله لأنهما مؤاخذان بأفعالهما " ().

2 – وفى الهداية وغيرها " ويتقدم – فى الحائط المائل – إلى الوصى والى – جد - اليتيم وأمه فى حائط الصبى، والضمان فى مال اليتيم لأن فعل هؤلاء كفعله" ().

3 – وفى الفتاوى الهندية سئل أبو القاسم عمن مر فى قرية مع وقر من قصب وقد أوقد الصبيان نارا فى السكة، وألقوا منها شيئاً فى القصب، فأخذته النار فدخل الحمار تحت سطح كان فوقه حطب فارتفعت النار من القصب إلى الحطب وألقوا ذلك الحطب على الحمار. قال: إن كان هذا الحطب الذى ألقى عليه توقد مع القصب فملقى النار وملقى الحطب ضامنان جميعا. كذا فى الحاوى للفتاوى " ().

4 – وفى مجمع الضمانات " ثور يعتاد أكل الثياب وساقه صبى صاحب الثور إلى فناء فيه تجار ثياب، فقيل للصبى: احفظ الثور وجد، فلم يفعل حتى أكل ثوبا منه، يضمن الصغير، وإن لم يكن متمكنا من دفعه لا يضمن إلا إذا أقربه " ()

5 – وفى مغنى ابن قدامة " والحكم فى الصبى والمجنون كالحكم فى السفيه فى وجوب الضمان عليهما فيما ألقاه من مال غيرهما بغير إذنه، أو غصباه فتلف فى أيديهما " أى بتفريطهما ()

6 – وفى التنقيح المشبع للمرداوى " ولو أركب صغيرين لا ولاية له عليهما فاصطدما فماتا فعلى الذى أركبهما ديتهما فى ماله، وما تلف من مالهما، وإن ركبا من عند أنفسهما فكبالغين مخطئين " ().

7 – وفى هداية الراغب " ومن قتل نفساً محرمة خطأ أو شبه عمد مباشرة أو تسبباً كحفر بئر بغير حق فعليه ولو كافرا أو قنا أو صغيرا أو مجنوناً كفارة " ().

8 – وفى حاشية البجيرمى على الإقناع تعليقاً على ما إذا لو ركب الدابة فنسخها إنسان بغير إذنه فرفست فأتلفت شيئا فالضمان على الناخس، قال البجيرمى "ولو صغيرا مميزا كان أو غير مميز لأن ما كان من خطاب الوضع لا يختلف فيه الحال بين المميز وغيره " ().

9 – وفى نهاية المحتاج " من كان مع دابة أو دواب وإن لم يكن مكلفا ضمن إتلافها بجزء من أجزائها نفساً على العاقلة ومالا فى ماله " ()

177 - فهذه الأمثلة كلها فى التسبب، وقد نص فيها على تضمين غير المميز إذا كان متعدياً فى إحداث السبب، ومن هنا يعلم:

أ– إن الفقهاء لا يقيمون وزنا للتمييز فى باب الضمان ارتكازا على أن الضمان من خطاب الوضع، والمميز وغيره فى حكمه سواء.

ب – أن غلبة التمثيل فى أحكام الضمان تسببا بإحداثات المميزين لا تعنى البتة أن فعل غير المميز هدر،لأن الضمان منوط بالذمة لا التكليف، وغير المميز له ذمة فيضمن، وربما يكون من سبب ذلك أن أكثر صور التسبب يندر تصور حصولها من الصغير والمجنون، لأنهما فى الغالب لا يخرجان – بضم أوله – عن الحفظ، ولهذا احتاجا إلى من يحفظهما ويضمن إذا قصر فى حفظهما () ومن ثم بعد أن ينفرد أحدهما بنصب السبب، على أننا إذا دققنا النظر وجدنا الفقهاء يذكرون تسبب غير المميزين فى الأسباب المألوفة منهم، كنخس الدابة وسوقها وربما ركوبها، أما الأسباب الأخرى كالغرور والحيلولة وحفر البئر ونحوها فإن ضعف الصغير واحتجاز المجنون مع كونهما فى الحجر عرفا يبعد صدورها منهم، لهذا ندر مثاله، لكن لا ينفى ذلك ضمان ما يتلف بسبب هذا إن وجد منهم ()، والدليل على ذلك أن الفقهاء تصورا منهما الصيال، ورأى جمهورهم إن قتل- أى الصغيرة والمجنون بصيالهما فهدر ().

جـ – أن التعدى المنصوص عليه فى قاعدة الضمان وصف متعلق بالفعل لا الفاعل، فالقاعدة أن انتفاء التكليف يرفع إثم الفعل، أما وصفه فعلى حاله.

ومن كل ذلك نخلص إلى أنه ليس من معنى التعدى أن يكون المتسبب مميزا فالتمييز وعدمه سواء فى حكم الضمان.

المطلب الثالث

معيار التعدى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير