[اقتراح حل لإشكال سياق آية" حافظوا على الصلاة ... "البقرة238]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 - 10 - 07, 12:16 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد،
فهذه خاطرة عن استشكال سياقي لآية:
{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}
****
استشكل جمهور المفسرين ما يشبه"العزلة"السياقية لهذه الآية الجليلة الآمرة بأمر له شأنه في الدين وهو الحفاظ على الصلاة ...
فقبلها:
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)
وبعدها:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)
1 - رأي دراز:
وقد رأى الشيخ عبد الله دراز في قوله" وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ"ما يشبه التخلص الحسن قال:
(ألا تسمع هذه الكلمات:"ولا تنسوا الفضل بينكم".
لا تنسوا. الفضل .... بينكم. إن كل حرف في هذه الكلمات ينادي بأنها كلمات حبيب مودع.كان قد أقام بيننا فترة ما ليفصل في شؤوننا ثم أخذ الآن يطوي صحيفة أحكامه:دعوا المشادة في هذه الشؤون الجزئية الصغرى سووها فيما بينكم بقانون البر والفضل الذي هو أسمى من قانون العدل والحق وحولوا أبصاركم معي إلى الشؤون الكلية الكبرى التي هي أحق أن يتوفر عليها العزم والقصد وأحرى أن يشتغل بها العقل والقلب ... نعم .. نعم لقد كفاكم هذا حديثا عن حقوق الزوج والولد،فاستمعوا الآن إلى الحديث عن حقوق الله والوطن:
حافظوا على الصلاة .. أنفقوا في سبيل الله ... جاهدوا في سبيل الله)
هو تعليل جميل بلا ريب لكن يعكر عليه أن الصحيفة التي حسبها طويت، هاهي تنشر من جديد وليس الموضوع إلا الأزواج والأولاد والطلاق:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241).
2 - رأي البقاعي:
اما البقاعي -وهو المعتني بترابط الآيات- فقد قال:
(احفظوا صلاتكم له ليحفظ صلاته عليكم فلا يفعل فيها فعل الناسي فيترك تشريفكم بها، وأخصر منه أن يقال: لما ذكر سبحانه وتعالى ما بين العباد خاصة ذكر ما بينه وبينهم .. )
لكنا نقول:
وعاد إلى ذكر ما بين العباد ثانية فلا يستقيم التناسق.
3 - رأي ابن عاشور:
أما الشيخ ابن عاشور فقد استشعر مشكلة الارتباط فمهد بما يشبه الاعتذارفقال:
(الانتقال من غرض إلى غرض في آي القرآن لا تلزم له قوة ارتباط، لأن القرآن ليس كتاب تدريس يرتب بالتبويب وتفريع المسائل بعضها على بعض، ولكنه كتاب تذكير وموعظة فهو مجموع ما نزل من الوحي في هدى الأمة وتشريعها وموعظتها وتعليمها، فقد يجمع به الشيء للشيء من غير لزوم ارتباط وتفرع مناسبة، وربما كفى في ذلك نزول الغرض الثاني عقب الغرض الأول، أو تكون الآية مأموراً بإلحاقها بموضع معين من إحدى سور القرآن كما تقدم في المقدمة الثامنة،)
لكن يبدو أن ابن عاشور لم يقتنع هو نفسه بمقدمته تلك، فدفعه حسه البلاغي إلى طلب الاتساق وما أدري هل كان هنا مخاطبا لقارئه أم مخاطبا نفسه على وجه التجريد!:
¥