تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والدليل على أن التمييز يعتبرُ في الحيض قوله عليه الصلاة والسلام: [إِنَّ دمَ الحيض دمٌ أسودُ يُعرفُ، فإذَا كانَ ذلِكِ فأمسِكي عنِ الصّلاةِ] فقوله: [إِنّ دمَ الحيضِ دَمٌ أسودُ يُعرفُ] فيه دليل على إعتبار التمييز في الحيض حيث ردّها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لونه الذي يتميّز به، وألوان دم الحيض: أقواها الأسود، ثم الأحمر شديد الحمرة كما يقول العلماء، وهو: القاني، ويختلف هذا الأحمر على مراتب، ثم بعد الأحمر الأشقرُ، وألغاه بعضُ العلماء، ثمّ الأصفرُ، ثمّ الأكدر، ثم التُّربي، فهذه ستّة ألوانٍ، أما اللون الأسود: فهو أقواها، ثم يليه الأحمر، وهو الطّبيعي في دم النساء، ولكنهم قالوا: أحمر محتدم أي: شديد الحمرة حارقٌ تعرفه النساء بوصفه، ثمّ أخف منه المُشْرق، والذي يقول بعضهم: الأشقر، أو الأشيقر، وقيل: إن الأشقر هو الصفرة التي وردت في حديث أمِّ عطيةَ رضي الله عنها، وأثرِ عائشةَ رضي الله عنها، ثمّ يليه الأصفر ثم الأكدر، والأكْدَرُ: كالماء الكَدرِ المتعكِّر ضارباً إلى شيء من الخُضرة، ثمّ التُّربي هذا بالنسبة لألوان دم الحيض.

وكما تميّز المرأةُ دَم الحيض باللّون، كذلك تميُّزه بالرّائحة، وبالكثرة، والقِلِّة وبالألم، وبالغِلَظِ والرِّقةِ، هذه ضوابط التمييز.

فاللون تميّز المرأةُ به دم الحيض بأن تعتبر أشدّ ألوانه حيضاً، وما خفّ بعده إستحاضة على حسب الألوان فمثلاً: لو أن امرأة قالت: جرى معي دم الحيض ستة أيام أحمر شديد الحمرة، ثمّ أصبح بعدها أصفر، تقول: حيضك الستة الأيام، وما بعدها إستحاضة، وهكذا الحكم لو تخلّل الدمَ القويَّ ما هو أضعفُ، فلو قالت: إنه يجري معها ثلاثة أيام أسود، ثم ثلاثاً أحمر، ثم ثلاثاً أسود، تقول: الثلاثة الأُول: حيض، والثلاثة الحمراء: استحاضة، والتي بعدها: حيض، فأنت طاهر في الثلاث

الوسطى، حائض في الأولى، والأخيرة، ويُحكمُ بخروجك من الحيض في اليوم التاسع، بناء على أن عادتك ستة أيام.

هذه مسألة التمييز باللون الأسود.

وإما التمييز باللون الأحمر، فمثل أن تقول: جرى معي الدّم أحمرَ شديدَ الحُمرة لمدة يومين، ثمّ يومين آخران خفيفَ الحُمرة، ثمّ يومين شديدَ الحُمرة، ثمّ يومين خفيفَ الحُمرة، تقول: اليومان الأولان حيض، واليوم الثالث، والرابع، وهما اليومان اللذان يليانها استحاضة، ثم الخامس، والسادس اللذان إِشتَدَّت فيهما حمرة الدم هما من الحيض، فتضيفين اليومين هذين إلى اليومين الأوليين، هذه أربع، ثمّ تحكمين بطهارتك بانقضاء اليوم الرابع، وتدخلين في الاستحاضة في اليوم الخامس، والسادس، ثمّ في اليوم السابع دخلت في اليوم الخامس من حيضك، واليوم الثامن هو اليوم السادس من الحيضة فيحكم بانتهاء حيضك في اليوم الثامن، وهكذا التمييز ببقية الألوان الأخرى، فالحكم فيها كما ذكرنا هنا في اللون الأحمر.

هذا بالنسبة لمسألة اختلاف ألوان الدم التمييز لها، ولا يشترط تَخلّل اللونِ الضعيفِ بين اللونِ القويِّ كما ذكرنا في المثال بل العبرة بقوةِ اللّون بغضِّ النّظر عن مكانها.

وأما بالنسبة للتّمييز بالرائحة: فإن دم الحيض له رائحة شديدة النّتن بخلافِ دمِ الاستحاضة فإنه أخفُّ منه، فإذا استطاعت أن تعرف دم حيضها برائحته، فقالت مثلاً: جاءني دم أحمر عشرين يوماً ولكن لاحظت أن لونه واحد، لاحظ في الحالة الأولى التمييز باللون لابد أن تختلف الألوان، ولكن التمييز بالرائحة لا يختلف اللون، وإنما تختلف الرائحة، فتقول لك: جاءني عشرين يوماً دمٌ أحمر، فهل كلّه حيض؟ تقول: لا، ليس بحيض، هل لك عادة؟ قالت: ما لي عادة، تقول: إذاً هل تستطيعين أن تميزيه بالرائحة؟ قالت: نعم رائحته في الستّة الأُول نتنةٌ شديدة، وفي الأربعة عشر الباقية ليست كذلك، فحينئذ تحكم بكونها حائضاً في الستة الأول، دون ما بقي.

أو قالت: يومين برائحته، ثم أربعاً بدون، ثم يومين برائحته، ثم أربعاً بدون، ثم يومين برائحته. فما الحكم؟

تقول: تلفقين، هذا يسمى مذهب التلفيق، اليومان اللذان فيهما رائحة دم الحيض حيضٌ، والأربع التي ليست فيها رائحة دم الحيض استحاضة، ثم بعدها دخلت في اليوم السابع وهو ثالث أيام الحيض، واليوم الثامن رابعه، وقس على هذا. هذا بالنسبة للتمييز بالرائحة.

الضابط الثالث للتمييز: التمييز بالألم، حيث جرت العادة عند النساء في دم الحيض أنه أشد ألماً من دم الإستحاضة، وكل إمرأة تعرف طبيعة دمها في ذلك، فإذا قالت المرأة: جاءني عشرين يوماً، لكنه الستة الأيام الأول كان مؤلماً حارقاً، تقول: كونه في هذه الأيام بهذه الصفة فهو دم حيض، والأيام الباقية دم استحاضة.

هذه ثلاث علامات للتّمييز: اللّونُ، والرّائحةُ، والألمُ.

الضابط الرابع للتمييز: الكثرةُ، والقِلّة، قالوا: إن دم الاستحاضة يكون نازفاً بخلاف دم الحيض، فإنه أقل، ولذلك لما استحيضت حمنة رضي الله عنها، وسألتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالت: [إنِّي أَثُجُّ ثَجَّاً] والثجُّ: السّيلانُ.

وبعضهم يضع بدل الكثرة، والقِلّة علامة أخرى، وهي: الرِّقة، والغِلظة، فالغليظ: حيض، والرقيق: إستحاضة، فلو قالت مثلاً: جاءني دم الحيض عشرين يوماً لكن ألاحظ أن الستَّةَ الأُول كان الدّم فيها ثقيلاً غليظاً، والأربعة عشر يوماً الباقية كان رقيقاً، تقول: السّت: حيضٌ، والباقي: استحاضة.

هذه ضوابط التمييز: اللّونُ، والرِّيحُ، والأَلمُ، والكثْرةُ والقِلَّة، والغِلظُ والرِّقةُ، وقد جمعها بعض العلماء بقوله:

باللّونِ والرِّيحِ وبِالتّألُمِ وَكثْرةٍ وقِلّةٍ مَيْزُ الدّمِ

هذا على المذهب الذي يقول: الكثرة، والقلة، وبعضهم يرى الغلظ، والرقة فيقول في الشطر الثاني:

وغِلَظٍ ورِقَّةٍ مَيْزُ الدّمِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير