تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ويُستَحب غسلها لكُل صَلاة]: شرع المصنف-رحمه الله- بهذه العبارة في بيان أحكام المستحاضة، والمستحاضة: نوع من النساء تتعلق بها أحكام في صلاتها، وصيامها مفرّعة على الحكم بطهارتها.

والإستحاضة: استفعال من الحيض، أي: أنّ الدم استمر معها، فالأصل أن دم الحيض يقف عند أمد معين كما قدمنا فلما استرسل دم حيضها، وزاد قيل لها إستحاضة.

قال بعض العلماء في تعريفها: (إنها دمُ فسادٍ، وعِلّةٍ يُرخيه الرحمُ من أعلاهُ، لا منْ قَعْرِه) وهذا التعريف من أنسب التعاريف.

والإستحاضة أصلها عرق؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنّه لما سأَلتهُ فاطمةُ رضي الله عنها عن استحاضتها قال عليه الصلاة والسلام: [إِنّما ذلِكِ عِرقٌ]، وقال عليه الصلاة والسلام لحمنة بنت جحش رضي الله عنها في إستحاضتها: [إِنّها رَكْضةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشّيطانِ] قال بعض العلماء: ركضة حقيقية أي: أن الشيطان يركض، ويضرب هذا الموضع ضرباً حقيقياً كالرّكض الذي يكون من الفارس، أو من الرجل، وقال بعض العلماء: بل إنه ركض معنوي بمعنى: أن الشيطان يتذرّع بجريان الدم مع المرأة على هذه الصورة، فيلبّس عليها صلاتها، فيدخلها في متاهة، فلا تدري أهي حائض، فلا تصلي، ولا تصوم، أو ليست بحائض، فيجب عليها الصوم، والصلاة؟ قالوا: فوصف النبي- صلى الله عليه وسلم - الاستحاضة بكونها رَكْضة لمكان هذا التلبيس الذي يكون من الشيطان هذا من جهة المعنى.

أما بالنسبة لحقيقة هذا العرق فإنه وردت له أسماء: الأول: ورد في السنن، وهو العاذل، والثاني: ورد في رواية أشار إليها الإمام ابن الأثير رحمه الله: وفيها إسم العاذر، فالرواية الأولى: باللام العاذل والثانية: بالراء، وذكر الإمام الحافظ العيني-رحمه الله- أن هناك اسماً له، وهو العادل، بدالٍ بَدَل الذَّال. هذه ثلاثة أسماء، وهناك إسم رابع رواه الإمام أحمد في مسنده أنه العاند، فهذه أربعة أسماء: العاذل، والعاذر، والعادل، والعاند، قالوا: عاذلاً وصفاً له فليس هو عرق في الجسد إِسمه عاذل؛ والسبب في ذلك أن بعض الفقهاء سأل بعض الأطباء عن عرق اسمه العاذل فلم يعرفوه، والواقع أن العلماء قالوا: إن النبي- صلى الله عليه وسلم - وصفه بكونه عاذلاً من العذل، واللّوم؛ لأنه يوجب عَذْلَ المرأة، ولومها.

وأما تسميته بالعادل؛ فالعادل عن الشيء هو: الجائر عنه، يقال عدل عن الطريق إذا مال، وجار عنه؛ قالوا: لأنه بخروج المرأة عن عادتها بالحيض، ودخولها في الاستحاضة عدلت عن الدم الطبيعي لها، وهو دم الجِبلّة أي: دم الحيض، فعدلت عن الأصل؛ لأن الأصل في الدم أن يجري معها على الصّحة أيام عادتها وينقطع بعد ذلك بطهرها، فجرى معها على سبيل المرض، ولم ينقطع بعد تمام عادتها.

وأما العاذر فقالوا: لأن المرأة تعذر بوجوده، وأما العاند: فلمكان استمراره مكان الدم؛ فكان كالممتنع، والصّعب على الإنسان وهي صفة الشيء العنيد. هذا بالنسبة لأسماء دم الاستحاضة.

وهناك فوارق بين الحيض، والاستحاضة من جهة المكان فدم الحيض يخرج من قَعْر الرّحمِ، وأما دم الاستحاضة: فيخرج من أعلى الرَّحم، هذا بالنسبة لمكان الدمين.

أما بالنسبة لأوصاف الدّمينِ؛ فإنّ دم الحيض أقوى لوناً من دم الإستحاضة، فإذا كان أسود كان دم الإستحاضة أحمر، وهكذا كما تقدم معنا عند بيان التمييز باللّون.

أما بالنسبة للفارق الثالث: فوجود الألم، فإن دم الحيض تكون فيه حرارة، وألم للمرأة بخلاف دم الاستحاضة، فإنه يكون أخفَّ ألماً، أو ينعدم فيه الألم.

وقد تقدم معنا بيان ضوابط التمييز التي هي: اللَّونُ، والرِّيحُ، والألمُ، والكثْرةُ، والقلّةُ، والغِلَظُ، والرِّقةُ، هذه بالنسبة للفوارق التي بين دم الحيض، والاستحاضة، والمصنف رحمه الله بعد أن بيّن لنا أقل الحيض، وأكثَره، وأقلَّ الطّهر، وأكثَره، وشرحنا خلاف العلماء-رحمة الله عليهم- في تلك المسائل بعد بيان ذلك فإنه يرد السؤال بعد أن عرفنا من هي المرأة الحائض، والمستحاضة، فما هي الأحكام المترتبة على إستحاضة المرأة، وما الذي يلزمها من جهة الطهارة، وكيفية أداء الصلوات، وما الذي يترتب على الحكم بكونها مستحاضة من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير