تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول الشاعر: إن إبنتي حينما هيأتُ رحلي للسفر قالت هذا الدعاء:- (يا ربِّ جنِّب أبي الأوصابَ والوجعا) أي: أنها دعت له بالسلامة، فقال ذلك الأب يجيبها: (عليك مثلُ الذي صلّيتِ)، أي: عليك مثل الذي دعوت به فقوله:- " مثل الذي صليت " أي: دعوت، وهو موضع الشاهد من البيت؛ أنه استعمل الصلاة بمعنى الدعاء، ومنه قول الحق تبارك وتعالى: {خُذْ مِنْ أمْوالهمْ صَدَقةً تُطَهرُهمْ وتُزَكِّيهمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (1) أي إذا أعطوا الزكاة لك يا رسولنا فصلِّ على من أعطاها لك، ولذلك قال العلماء: يسن للإمام، أو نائبه الذي يلي أخذ الزكاة من الناس إذا أخذها منهم أن يدعو لهم بالبركة، والخير في أموالهم فقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي: اُدعُ لهم؛ فالصلاة استعملت هنا بمعنى الدعاء.

ومن معاني الصلاة الرحمة، وهي من الله لعبده، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (2).

وصلاة الله على العبد رحمته، فالصلاة تطلق بمعنى الرحمة، ومنه قول الشاعر:

صَلَّى المَليْكُ عَلَى اْمرِئٍ وَدَّعتُهُ وَأَتمَّ نِعْمَتَهُ عَلِيهِ وَزَادَهَا

أي: رحم الله ذلك العبد، أو ذلك الأخ الذي ودَّعتُه.

ومن معاني الصلاة في لغة العرب: البركة، والزيادة، وفُسّر به قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري، وغيره: [اللهمَّ صَلِّ على آل أبي أوفى] قيل معناه: بارك لهم.

فهذه ثلاثة معانٍ للصلاة الدعاء، والرحمة، والبركة.

وقوله [وصلّى الله]: المراد به الرحمة، أي: رحم الله.

قوله رحمه الله: [وسلم على أفضل المصطفين محمد]: قوله رحمه الله: [وسلم] السلام: إما مأخوذ من السلامة من الآفات.

وإما أن يراد به التحية، قال بعض العلماء قول الإنسان: السلام عليكم؛ أي سلّمكم الله من الآفات، والشرور، وهي التحية، والسلام من السلامة، وهو إسم من أسماء الله جل وعلا قال تعالى: {المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ}.

وجمع المصنف بين الصلاة على النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -، والسلام عليه؛ لأنّ ذلك أكمل.

قال بعض العلماء: (أدب الصلاة على النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أن يُجْمَع فيها بين الصلاة، والسلام عليه، عليه أفضل الصلاة والسلام) اهـ.

والدليل على ذلك قوله تعالى: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} فجمع له بين الصلاة، والسلام عليه أفضل الصلاة، والتسليم.

قوله رحمه الله: [وعَلى آلهِ، وأصْحابِه] قوله: [وعلى آله]: (الآل) تطلق بمعنيين: آل الرجل بمعني قرابته؛ قالوا: لأن أصل آل أهل، وهو قول سيبويه، وأن الهاء في أهل أبدلت همزة؛ فقيل آل.

وتطلق بمعنى الأنصار، والأعوان، والأتباع، وشيعة الإنسان تقول: آل فلان: بمعنى أتباعه.

وهذا هو المراد بقول العلماء: (وعلى آله) أي: الذين آمنوا به، واتبعوه عليه الصلاة، والسلام، وليس المراد به خصوص قرابته، وهذا هو الصحيح ونصَّ عليه الإمام أحمد-رحمه الله-، وإختاره جمع من العلماء أن المراد بآل النبي-?- الذين يُصلّى، ويسلم عليهم تبعاً للنبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أتباعه في كل زمان، ومكان.

قوله رحمه الله: [وأصحابه]: جمع صاحب، وهو من الصُحبة بمعنى الملازمة، والرفقة، وفي الإصطلاح: (كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، وآمن به)، وخصّهم رحمه الله بالذكر لشرفهم، وحقهم في الإسلام حيث آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وصدّقوه، وإتبعوه، وناصروه، رضي الله عنهم، وأرضاهم أجمعين.

وقوله: [ومَنْ تَعَبّدَ]: من باب عطف الخاص على العام أي: أنه خصّ المتعبّدين أي: الذين هم أكثر عبادة، وصلاحاً أي خصَّ أهل الالتزام، والطاعة الأكثر، وهذا من باب التشريف، والتكريم.

وقوله: [تعبَّد]: تفعّلٌ من العبادة، والتَّفعل زيادة في المبنى تدلّ على زيادة المعنى، والتعبّد: مأخوذ من العبادة، والعبادة مأخوذة من قولهم: طريقٌ مُعَبّدٌ أي: مذلّل؛ لأن أصل العبودية: الذِّلة؛ فإن الإنسان إذا عبد ربه تذلّل له سبحانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير