: نعم رواه فلان وحدثنا به فلان ونعرفه من طريق كذا , وخاضوا في الطرق والروايات فقالت المرأة: فأين كنتم إلى الآن.
قال: وقد كان بعض أكابرهم يستحي من رد الفتيا فيفتي بما لا يحسن ذكره حتى إن امرأة سألت علي بن داود وفي مجلسه نحو ألف رجل فقالت: إني حلفت بصدقة إزاري؟ فقال: بكم اشتريته فقالت: باثنين وعشرين درهما قال: صومي اثنين وعشرين يوما , فلما ذهبت جعل يقول آه غلطنا والله , أمرناها بكفارة الظهار , حكاه إبراهيم الحربي ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=12352).
ثم روى بإسناده عن أبي زرعة قال: كتب إلى أبي ثور ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=11956) لم يزل هذا الأمر في أصحابك حتى شغلهم عنه إحصاء عدد رواة {من كذب علي متعمدا ( http://www.islamweb.net/ver2/library/BooksCategory.php?idfrom=224&idto=224&bk_no=43&ID=169#)} فغلبهم هؤلاء القوم عليه
ثم ذكر العلوم وقال: إن الفقه عليه مدار العلوم , فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن من الفقه.
فإنه الأنفع وقال فيه: ولقد أدركنا في زماننا من قرأ من اللغة أحمالا فحضر بعض المتفقهة فسأله عن الحديث المعروف: {لو طعنت في فخذها أجزأك ( http://www.islamweb.net/ver2/library/BooksCategory.php?idfrom=224&idto=224&bk_no=43&ID=169#)} فقال: هذا للمبالغة , فقال له الصبي: أليس هذا في ذكاة غير المقدور عليه؟ ففكر الشيخ ساعة ثم قال صدقت.
وأدركنا من قرأ الحديث ستين سنة فدخل عليه رجل فسأله عن مسألة في الصلاة فلم يدر ما يقول؟ وأدركنا من برع في علوم الفقه فكان إذا سئل عن حديث لا يدري ما يقول؟ وأدركنا من برع في علم التفسير فقال له رجل يوما: إني أدركت ركعة من صلاة الجمعة فأضفت إليها أخرى فما تقول؟ فسبه ولامه على تخلفه ولم يدر ما الجواب , وأدركنا من برع في علوم القراءات فكان إذا سئل عن مسألة يقول: بفلان.
هذه كلها محن قبيحة , فلما رأيت في الصبا أن كل من برع من أولئك في فنه ما استقصى , وإنما عوقته فضوله عن المهم , وما بلغ الغاية رأيت أن أخذ المهم من كل علم هو المهم , فإنه من أقبح الأشياء أن يطلب المحدث علو الإسناد وحسن التصانيف , فيقرأ المصنفات الكبار ويطلب الأسانيد العوالي ويكتب , فيذهب العمر ويرجع كما كان , ليس عنده إلا أجزاء مصححة لا يدري ما فيها وقد سهر وتعب.
وإذا ساءلته عن علمه قال علمي يا خليلي في سفط
في كراريس جياد أحكمت وبخط أي خط أي خط
وإذا ساءلته عن مشكل حك لحييه جميعا وامتخط
ويتفقه صبي صغير فيفتي في مسألة عجز ذلك الشيخ عنها , وإنما أشرح هذه الأشياء للتعليم , انتهى كلامه.
ولأبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=13) مرفوعا {العلم ثلاثة وما سوى [ص: 125] ذلك فهو فضل: آية محكمة , أو سنة قائمة , أو فريضة عادلة ( http://www.islamweb.net/ver2/library/BooksCategory.php?idfrom=224&idto=224&bk_no=43&ID=169#)} وللترمذي وقال: حسن غريب عن أنس ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=9) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا بني {إن قدرت أن تصبح وتمسي , وليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال: يا بني وذلك من سنتي من أحيا سنتي فقد أحياني , ومن أحياني كان معي في الجنة ( http://www.islamweb.net/ver2/library/BooksCategory.php?idfrom=224&idto=224&bk_no=43&ID=169#)} . وقال الشافعي ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=13790) ليونس بن عبد الأعلى: عليك بالفقه فإنه كالتفاح الشامي يحمل من عامه.
وقال ابن الجوزي في كتاب العلم: الفقه عمدة العلوم , وأملى الشافعي ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=13790) على مصعب بن عبد الله بن الزبير أشعار هذيل ووقائعها وأيامها حفظا , فقال له: يا أبا عبد الله أين أنت بهذا الذهن عن الفقه؟ فقال إياه أردت وقال محمد بن الحسن ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=12225): كان أبو حنيفة ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=11990) يحثنا على الفقه , ونهانا عن الكلام وكان يقول: لعن الله عمرو بن عبيد ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=16711) لقد فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم.
وقال الربيع: مر الشافعي ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=13790) بيوسف بن عمرو وهو يذكر شيئا من الحديث فقال: يا يوسف تريد تحفظ الحديث وتحفظ الفقه هيهات.
وقال صاحب المحيط من الحنفية: أفضل العلوم عند الجمهور بعد معرفة أصل الدين وعلم اليقين معرفة الفقه والأحكام الفاصلة بين الحلال والحرام.
وروى الحاكم ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=14070) في تاريخه عن عبد العزيز بن يحيى قال: قال لنا سفيان بن عيينة: ( http://www.islamweb.net/ver2/library/showalam.php?ids=16008) يا أصحاب الحديث تعلموا معاني الحديث فإني تعلمت معاني الحديث ثلاثين سنة , قال: فتركوه وقالوا: عمرو بن دينار عمن؟
وقال أبو حيان النحوي المتأخر المشهور في أثناء كلام له: وأما إن صاحب تناتيف وينظر في علوم كثيرة , فهذا لا يمكن أن يبلغ الإمامة في شيء منها , وقد قال العقلاء: ازدحام العلوم مضلة للمفهوم , ولذلك تجد من بلغ الإمامة من المتقدمين في علم من العلوم لا يكاد يشتغل بغيره , ولا ينسب إلى غيره وقد نظمت أبياتا في شأن من ينهز بنفسه، ويأخذ العلم من الصحف بفهمه.