تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينبني على ذلك أن الناظر في كتب الفقه يكون الباب في ذهنه أرتب وأوسع، لكن كتب الفقه فيها قصور - في العموم - من جهة النظر في الحديث أو في المتن بدون تأثر صاحب المذهب بمذهبه في النظر، لأنه يكون الدليل من السنة مثلاً في البخاري لكن في كتاب المذهب الفقهي ولو كان مطولاً خلافياً، فيه الخلاف العالي والنازل، لكن يكون نظره في الحديث بناءً على مذهبه، هذه الحيثية هي نوع من القصور في كتب الفقه من جهة طالب العلم المتوسع، فيكملها بالنظر في كتب الحديث، لكن كتب الحديث - يعني الشروح المطولة - تجد أن المسألة لا يتصورها طالب العلم تصوراً جيداً، يعني في المسائل التي تحتاج إلى تصور، أما في المسائل الواضحة فليس الكلام فيها، فلا يتصور المسألة تصوراً واسعاً، لا يتصور المسألة تصوراً دقيقاً، لا يستخدم أصول الفقه في الاستنباط، بخلاف كتب الفقه الموسع.

تستخدم أصول الفقه في كتب الحديث المطولة إذا احتاج إلى الترجيح في الخلاف.

من الفروق المهمة أنه يظن طالب العلم أن شارح الحديث أقرب إلى الاجتهادمن شارح المتن الفقهي، أو يكون - هذا الشارع - ولو كان يورد الأدلة، لكنه لا يسلم من التعصب.

أما شارح الحديث فقد يظن كثير من طلاب العلم أنه يسلم من التعصب، فيقبل على كتب الحديث بناءً على أن أصحابها متجردون - رحم الله أهل العلم جميعا. وكتب الفقه يقول:لا عندهم تقليد، وعندهم نصرة لمذاهبهم، فلا ينظر فيها، وهذا غلط من جهة أن أصول الاستنباط التي بها يستنبط العالم ما هي؟ العالم الذي سيشرح كتب الحديث يستنبط من الأدلة ويرجح بناءً على ماذا؟ لا شك أنه بناء على ما عنده من أصول الفقه، - لأن أصول الفقه هي أصول الاستنباط- فهو سينظر في هذه المتون، ويستنبط ويرجح بين الأقوال، لكنه لن يسلم من التقليد لأنه سيرجح بناءً على ما في مذهبه من أصول الفقه، ويظن الناظر أنه يرجح بناءً على الصحيح المطلق، وهذا غير وارد البتة، لأنه ما من شارح للحديث، إلا وعنده تبعية في أصول الفقه، أصول الاستنباط، فهو سيشرح ويقول: هذا الراجح لأنه كذا، فيأتي طالب العلم المبتدئ أو المتوسط ممن ليس له مشاركة في الاستنباط عميقة، فينظر إلى ترجيح صاحب الحديث بأنه أكثر تجرداً من ترجيح صاحب الفقه، وهذا غلط لأن صاحب الفقه متأثر في استنباطه بمذهبه، وكذلك شارح الحديث متأثر في استنباطه بمذهبه، لكن بما أنه يشرح الحديث فينظر الناظر إلى أنه متجرد، وهو متجرد بلا شك لن ينصر ما يعتقد أنه غير صحيح، لكن سيتأثر في الباطن بأصول الفقه التي دَرَسَها، ولهذا لا بدّ أن تعلم أن الشراح إنما هم أتباع مذاهب، وليسوا مجتهدين الاجتهاد المستقل أو المطلق، لأن الاجتهاد المطلق أو المستقل - على خلاف في التسمية والتعريف - راجع إلى أنه يجتهد في أصول الفقه كما أنه يجتهد في النظر في الرجال، فله اجتهاداته في الفنين جميعاً، مثل الأئمة الأربعة، وبعض من اندرست مذاهبهم كسفيان والأوزاعي وابن جرير، فهؤلاء لهم اجتهادات في أصول الفقه وفي الرجال جميعاً، وكذلك ابن حزم له طريقة مخالفة لما قبله في أصول الفقه أصول الاستنباط وكذلك في النظر في الرجال، لا يقلد، وإنما له نظره المستقل، فهذا يسمى مجتهد مستقل، لكن بعدما دوِّنت المذاهب وانتشرت لا يوجد هذا، حتى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فإنه في أصول الفقه وهي أصول الاستنباط يتبع مذهب الحنابلة، إلا ما ندر مما رجحه أو بحثه بحثاً مستقلاً، مثل الكلام في عموم البلوى وأشباه ذلك، في مسائل أخذها من غير أصول الحنابلة، ولهذا إذا نظرت في المسودة، مسودة آل تيمية في أصول الفقه وجدت أن استدراكات شيخ الاسلام على قول أبيه وجده في هذه المسائل نادراً أو قليلاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير