تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الألفاظ في اللغة هي كلام يدل على معنى يثبت بالنقل فلا يصح نسبة معنى إلى لفظ لم يثبت أن العرب قد قالت به. و الخطاب اللغوي يتعلق بالمعرفة اللغوية الموروثة نقلا عند الناس فلا يصح خطاب لغوي الا بما قد عرف نقلا و اللغة ترتبط بأعيان و أسماء لها يتحقق الكلام بها اذا أدت غرضها اللغوي المتعلق بالنقل عن أهل اللسان. أما الألفاظ في الشريعة فهي متعلقة بالتكليف من حيث وقوع الحكم و عدمه فهي مرتبطة بحقيقة شرعية لها مشرعة بوحي من الله و قد وصف النبي صلى الله عليه وسلم من استعطرت ليشم الناس ريحها بأنها زانية مع أن العرب تعرف الزنا بالجماع و ليس الزنا بالنظر و رائحة العطر ولكن هناك حقيقة شرعية جلبت هذا الوصف وهي " الخضوع للرجال بنية الفاحشة. ومن ذلك ما يأتي في اللغة ليس على وجه صفة الحال بل صفة المآل كوصف النبي صلى الله عليه و سلم من لعن والدي غيره بأنه لاعن لوالديه مع أنه لم يلعنهما و لكن مآل الحال أن يلعن الآخر والدي اللاعن فيكون قد لعن والديه وهذا بنص حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه " قيل يارسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال " يلعن أبا الرجل فيلعن أباه ويلعن أمه فيلعن أمه ". رواه ابو داود و هو حديث صحيح و لا يوجد في معاجم اللغة كلها من يقول بأن " لعن والديه " تأتي بمعنى لعن والدي أحد من الناس فلعنوا هم والدي اللاعن و لكن كما قلت سابقاً بأن تراكيب اللغة في حقيقتها الشرعية ترتبط بالتكليف والحكم فصار من جلب اللعن لوالديه كمن لعنهما بنفسه فكذلك الرضاع فمن ثبتت عليه حرمة القرابة بسبب شرب لبن امرأة ما فهو ابن رضاع و لو لم يرضع ولكنه ثبت عليه حكم الرضاع و دخل في قوله تعالى " وامهاتكم اللاتي أرضعنكم " و هذا هو المعنى الشرعي لكلمة " رضع ". و قد يأتي الحديث قاطع الدلالة مع أن دلالته باطلة و لا يفسره النبي صلى الله عليه و سلم و لا يشرحه لأنه يرى أنه داخل في المعلوم عند المسلمين من الدين بضرورة كقوله عند أحمد و غيره من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح حنينا فقام فينا خطيبا فقال: (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره ولا أن يبتاع مغنما حتى يقسم ولا أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه ولا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه). فلم يفسر النبي صلى الله عليه و سلم قوله " يسقي ماءه زرع غيره " مع أن كل معاجم اللغة لا تقول بأن كلمة " زرع " تأتي بمعنى " أحبل " فزرع زرع و أحبل أحبل!!. مع هذا ما قال أحد من أهل الاسلام يعقل عن الله و رسوله بأنه لا يجوز لمسلم سقيا بستان جاره لأجل هذا الحديث لأن كل أدلة الشريعة تدل على أن التعاون على البر مطلوب و مندوب فعلم أهل العلم أن ظاهر هذا الحديث باطل دون أن يبحثوا في المعاجم مع أنه قاطع الدلالة لا لبس في توجيه ظاهر معناه ولكن عندما خالف الشريعة مخالفة ظاهرة وجدوا له معنى يليق به فقالوا بأن الله قال " نساؤكم حرث لكم " فهو في نكاح المطلقة و المسبية حتى تستبرأ , وهذا هو العلم. و قد كان ذلك جلياً في التعامل مع كلمة " صلى " حيث أن الصلاة في اللغة تعني الدعاء ففي الشرع لا تبرأ الذمة الا بصلاة توافق المعنى الشرعي ذات ركوع و سجود لأن الصلاة في اللغة متعلقها النقل عن أهل اللسان أما في الشرع فمتعلق الصلاة " التكليف و الشرع " فما يحقق التكليف و الشرع تحت مسمى " صلاة " فهو الصلاة في الخطاب الشرعي و كذلك الرضاع فكل ما يحقق مص الثدي و التقامه فهو محقق للمعنى اللغوي للرضاع أما المعنى الشرعي فيقع عند تحقق حقيقة شرعية و هي أن تصبح امرأة ما أما لمن شرب لبنها التقم ثديها أم لم يلتقم فهي " أمه من الرضاع " لأنها حرمت عليه بلبنها و ليس بمص ثديها و قد روى مالك و ابن حبان في صحيحة و صحح اسناده الحافظ كما في الإرواء أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في قصة سهيلة: " أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنك " و في لفظ مالك " أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها ". وقال الألباني في الإرواء: السياق لمالك وظاهر إسناده الارسال - أي عن عروة مرسلا عن أبي حذيفة - ولكنه في حكم الموصول فإنه عند الآخرين عن عروة عن عائشة. و الشاهد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير