لو كان العلماء ليسكتوا على مثل هذا لسكتوا على فعل رسول الله وهو الأولى بأن لا يجتهد المجتهد لتأويل فعله تأويلا حسنا فكل فعاله حسنة صلى الله عليه و سلم. و على هذا المبدأ كان أئمة الصوفية يبنون زندقتهم فاستباحة الحرام بلا ضرورة تقوم على تلك الاستباحة خاصة بهم دون المريدين و من يقول لدينا هنا دليل من الله و رسوله على إباحة لمس الثدي للأجنبي بلا حاجة و لا ضرورة نقول له ليس معك دليل وانما معك فهم ترى أنه هو الدليل.
2 - أن تكون رخصة للتخفيف كجمع الصلوات وهو ليس بضرورة و لكنه للحاجة ولا تندفع الحاجة الا بمثله. و من شروط هذا النوع أن لا يترتب على هذه الرخصة مشقة لأن هذا ينافي طبيعة تشريعها فاذا وجدت المشقة فهي ليست برخصة تخفيف و قد رد العلماء قول الحنفية في مسألة الجمع الصوري بأنه تعنيت و مشقة فلا يناسب صفة رخصة الجمع في الصلاة. و من يقول بأن رضاع سالم كان رخصة تخفيف ثم يقول بأنه رضع بمص الثدي فقد جاء بأمر عجاب فكيف يكون التسهيل بإباحة عرض الرجل لأجنبي يلتقم ثدي زوجته التي يتمعر وجهه لمجرد مرور ذلك الرجل في بيتها؟ هذه ليست رخصة هذه عذاب و وبال و لا يشبهها والله الا قوله تعالى " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم ".
3 - أن تكون رخصة اضطرار كأكل الميته. و من شروط هذا النوع أن لا تندفع الضرورة الا باستباحة المحظور فإن اندفعت الضرورة بغيرة فلا يجوز القول برخصة الاضطرار. ومن قال بأن رضاع سالم من الثدي كان رخصة اضطرار فقد قال بقول منكر يغني عن رده حكايته فلن يموت أبو حذيفة ولا سالم و لم يكن يعجزهم أبدا أن يحلبوا اللبن في إناء له ليشرب فلا يبلغ ذلك الحاجة فضلا عن الاضطرار.
الفصل الثالث: تغليق التعليق على ما أعلن القول به الشيخ الحويني حفظه الله.
يقول الشيخ في الرد المسجل له: (لقد قلت على المنبر أني أفرق بين تحريم اللبن المعصور من الصدر في كبايه و ما بين الرضاع أنا بتكلم على معنى " رضع " مش حكم اللبن بتاع الأم اذا عصرته و شربه واحد , لا , أنا قلت دا يحرم عند جماعة العلماء). ثم يقول بعد ذلك: (هذا حتى لا يكون هناك تلازم بين اللبن الذي يحرم به الرضاع و بين معنى " رضع".
و نحن نختم الرد بالتعليق على هذه الجزئية حيث نقول أولا وقبل كل شيء , نحن هنا لاحقاق الحق ولسنا هنا لنقطع لسان أحد من الذين اتخذوا قول الشيخ مدعاة لمهاجمة الاسلام فالغاية هي الحق و ألسنة الفسقة لن تنقطع الى يوم الدين و انما يوقفها الحق و لو كان الحق قول الشيخ الحويني للزمنا القول به ولو ترتب عليه ما ترتب و قبول الحق شيء واشاعته في زمن لا ينبغي اشاعته فيه شيء آخر ولكن ما قال به الشيخ الحويني الحق و الشرع منه براء و جزئية الشرب من الاناء لا يمكن أن تناقش بمعزل عن " ثبوت الحرمة من عدمها " لأنها مترتبة عليها فلو كانت الحرمة لا تكون الا بالرضاع فلابد ان سالما قد رضع وان قيل بأن الحرمة تثبت بالشرب فلماذا يرضع سالم؟.كذلك اذا ثبت حكم الرضاع بالشرب جاز وصف الشارب له بالراضع فينتهي الاشكال من حيث اللغة بحيث نثبت حقيقة شرعية تلغي حصر الحقيقة اللغوية لكلمة "رضع "
ومن يقول بأن الرضاع يثبت بالشرب من الاناء ثم يستغرب وصف من شرب و لم يلتقم بالراضع أو ينكر أن يكون صحيحا في اللغة وصف الشارب من الاناء بالراضع كما يقول الشيخ الحويني فإنه يلزمه ايضا أن ينكر دخول ذلك الشخص في قوله تعالى " و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم " حتى وان اثبت التحريم بالشرب فلا يحرم على من شرب من الاناء أن ينكح أمه من الرضاعه حتى وان ثبتت الحرمة بالشرب من الاناء لأن الله نص على أن تكون مرضعا ً له و هو لم يرضع فلا توصف بأنها مرضعة. وهنا يتناقض فاما أن يقول بعدم ثبوت الرضاع واما أن يقول بالشرب من الاناء في قصة سالم , وهذا واضح.عذب ابن تيمية و سجن و طيف به بين البيوت لأنه كان يقول بأن الطلاق ثلاثا لا يقع. وكان مستنده على حديث واحد ليس له غيره عند أحمد فلما سألوه عن رأيه في سند الحديث قال: إسناده جيد فمن أجل اسناد جيد كان كل ذلك فلا يطلب أحد منا السكوت وعدم البيان بدعوى الأخوة وحفظ الصف لأن المسألة عندنا لم تكن مبنية على حديث غريب في وجوده سنده جيد و إنما ثبتت فيها الآيات و الأحاديث الصحاح و بنيت على ما يخالفها قواعد في الشريعة؟؟؟. و بالنسبة للأخوة وحفظ الصف فقد كان ابو بكر رضي الله عنه يخالف عمرا رضي الله عنه ذات يوم فجبذه من ردائه و هزه و هو يقول: أجبار في الجاهلية خوار في الاسلام يا عمر؟. و الله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة!. ثم قال عمر: والله ما أن رايت الله قد شرح صدر ابي بكر لذلك حتى علمت أنه الحق. كانوا يتجادلون بألسنتهم و ايديهم و امر عمر ابن مسعود عدم الخروج من بيته و ضرب معاوية رضي الله عنه بالدرة فليس الاشكال في هذا و لكن لاشكال في نفوسنا بارك الله فيك. فنحن الآن نتبادل عبارات التقدير و المودة في مناقشاتنا ولكن سبحان الله قليلا ما يشرح الله صدر أحدنا لما جاء به الآخر و هذا لعلة في قلوبنا نسأل الله أن يرحمنا. هنا فقط تعرف معنى قوله تعالى في منته على رسوله " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم ".
و الله حسبنا ونعم الوكيل هو مولانا وتعم النصير.
و الموضوع على صيغة الوورد على هذا الرابط
http://www3.webng.com/hillizah/alezhaaq.doc
¥