سبحانك ربي لا أحصي ثناءاً عليك ـ أنت كما أثنيت على نفسك ـ اللهم لك الحمدُ كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، يا رب لك الحمدُ حتى ترضى ولك الحمدُ إذا رضيتَ ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمدُ كل وقت وحين.
وإن مما أحمدُ اللهَ عز وجل عليه أن هداني إلى ملتقاكم هذا، وإن كنتُ غيرَ جديرٍ ولا مؤهلٍ للمشاركة فيه، فإني أرجو أن أكون جليسَكم الذي لا يشقى بكم.
وأتوجه إلى أخي الكريم أبي حمزةَ الشمالي ـ بارك اللهُ فيه وزاده علماُ وفضلا ـ أن يا أخي الكريم لا تجدنَ في صدرك من عنوان مقالتي هذه، وكنت انتويتُ لها: إخفاقُ الإزهاق، ثم خشيتُ أن يصدَك هذا ويدفعك إلا أن تتناول بعين الريبة والرفضِ قولي، فعدلتُ عنه إلى: رداُ على الإزهاق، ثم خطرَ ببالي أنكم ـ طلبةََ العلم ـ يحلو لكم اقتفاءُ أثر العلماء في صوغِ العناوين والرد عليها، فاخترتُ هذا العنوانَ وإن كان في صدركَ منه شيء فلقد فوضتُ مشرفَ القسمِ بتغير العنوان دون الرجوع.
لعلك تُقرُ أخي الكريم ببُعدِ الشُقةِ بين الشيخِ أبي إسحاق في العلمِ والدعوةِ إلى الله وبينك، وأقولُ لك أنها أبعدُ ما يمكنُ تكونَ .... بينك وبيني، واللهُ المستعانُ على تقصيري وجهلي.
إنما هو الحق الذي نسعى إليه ونتحراه ـ هو دافعنا لامتحان أفكارنا وتمحيصها.
وما هذا المقال إلا رؤية نقدية لما عنونته أنت بالإزهاق، وبداية أرى أنك لم توفق في تقديم نفسك بـ (الفقير إلى توفيق ربه)، اللهم فوفقنا دوما إلى الافتقار إليك أنت الغني وأنت الولي وأنت على كل شيءِ قدير.
أولاً: جاء في معرض تقديمك:
إن هذا الرد ليس معنياً بتأصيل كافة متعلقات هذه المسألة إلا ما كان في حدود الرد على الشيخِ فيما قال.
ثم جاء عنوان الفصل الثاني هكذا:
عرض كافة متعلقات المسألة التي ينبغي على المجتهدِ في هذه المسألة استحضارها.
وفي هذا مخالفةٌ لخُطةِ البحثِ التي تمّ إعلامُ القارئ بها آنفا، وفي ذلك تضليلٌ للقارئ إذ يظنُ من قولِكَ الأولٍ بموضوعيتك في البحثِ واقتصارِك على قولِ الشيخ في الردِ، ثم تخالفُ أنت هذه الموضوعية وتتوسع في المسألة بما يشتتُ القارئ ويحملُه إلى ما هو أبعدُ من قولِ الشيخ وهو يظنُ أنك ما ظلمتَ الشيخ بل كنت موضوعياً في بحثك مقتصراً الرد عليه.
ثانياً: في النقطةِ الأولى التي ارتأيت أن الشيخ بنى عليها تصوره من أن (في المسألة خلافُ وعند الخلاف يكونُ التقارع بالأدلة) قلتَ أنه سيردُ التعليقُ على هذا القول في الفصل الثاني من هذا الرد، ولم نجد هذا التعليق على هذه النقطة.
وفي ذلك أيضاُ تضليلٌ للقارئ بما يحمله قولك إليه من دقتِكَ ويزيدُ ثقتَه وقبولَه لكلامِك، ودون أن يعي أنك ما نفذت ما وعدته به.
ثالثاً: النقطتان (2، 6) وشبيهٌ بهما النقطةُ الرابعةُ من الفصلِ الأولِ هما وجهانِ لعُملةٍ واحدةٍ، وعند البحث العلمي لا نجدُ اختلافاُ في المضمون بينهم
فالنقاط الثلاثة تدورُ حول: اللفظ وإمكانية صرفه عن معناه الحقيقي
رابعاُ: النقطتان (5، 7) هما مضمونٌ واحدٌ في تكرار لفظي لا يكادُ يتمايزُ أيضا
فالنقطة الخامسة تقولُ فيها:
التصور الغريب لدى الشيخ بأن الشريعة قد تأمر بالفحشاء بلا حاجة ولا ضرورة
والنقطة السابعة تقول فيها:
التصور الغريب لدى الشيخ بأن النبي صلى الله عليه وسلم يمتلك الحق المطلق في مخالفة شرع الله بلا حاجة ولا ضرورة
فكأنك تقولُ في النقطتين سواء: أن الشريعة والمشرعَ قد يأمران بالفحشاء بلا حاجة ولا ضرورة ـ ذلك طبعا حسب ما أسميته أنت: بالتصورِ الغريبِ لدى الشيخ.
خامساُ: النقطتان (8، 9) لم يسلما من أن يكونا تكراراً، فكلتاهما تدوران حول ما تفضلت بتسميته: الفهم الخاطئ لمفهوم الرخصة لدى الشيخ واضطرابُه الذي يرى به جوازَ التخصيصِ بلا علة.
هكذا هي نقاطُ الفصل الأولِ، تكرارٌ مكرر في ثوب ألفاظٍ جديدة تشدُ بل تثير اهتمام القارئ وتشعلُ حفيظتَه وتُوغرُ صدرَه، وعند التحقيقِ والبحثِ لا يكونُ من ذلك غاية، إلا أن يكونَ الهدفُ هو تعديد رقمي مطلوب لمليء فراغٍ في فصلٍ مكتوب.
¥