ننسى أصل القصة وتفاصيلَ كثيرة مهمة ونختزلُ القضية كلها في كلمتين: رجل أجنبي
كلا لم يكن سالمٌ رجلاً أجنبياً، بل هو ابنهم الذي تبنياه في صغره، وربياه حتى كبر
قد كنت قبل مطالعتي لرد الشيخ أبي إسحاق ـ زاده الله علما ورفع منزلته في الصالحين ونفعنا به ـ أكتفي بما قال العلماءُ والشيوخُ الأجلاءُ من أنه لم يحدث رضاعٌ بالمباشرة، وأحمل نفسي على قبول ذلك وألزم نفسي به
ولكن كان في نفسي شيئاً لا أستطيع كتمانه عن نفسي: إن الشيخَ الجليلَ الذي يردُ على هذا السؤال يقولُ: لعل أفضل ما قيل في تفسير ذلك هو ما رواه النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم، أو هو ما رواه بنُ عبد البر
جوابُ الشيخِ الجليلِ يبدأُ بالظنِ والترجي (لعل) والتفسيرُ يبدأ أيضا بالظن والترجي: (لعلها) عصرت له في إناء
وقد اعتمدوا في ذلك على رواية وحيدة جاءت في طبقات بن سعد، وسندُها فيه كلام بذات الرواية. (ولا غرو أنك لم ترد في إزهاقك أخي الكريم على ما قاله الشيخ أبي أسحاق في ضعف هذه الرواية)
لم ترد الرواية التي يُبنى عليها نفي المباشرة في أي صحيحٍ من الصحاح كما جاء أصلُ القصة في الصحيح، ولو ثبتت الرواية فكيف يغيب عن أصحاب الصحاح إيرادُها؟
ومحاولات صرف أرضعيه إلى الشرب والسقاء مبنية على اشتقاق الحكم لا على حقيقة فهم سهلة لها ولا على حقيقة مقصد الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم صرفه للفظ وعدم بيانه سببا أو كيفية وملابساتٍ كثيرةٍ يتمُ تغيبها
وأعداءُ الدينِ من الشيعة والنصارى وغيرهم يتشبثون ويموتون تمسكاً بأن الرضاعة كانت بالمباشرة
أليس هذا هو أخر ما يمكنهم الوصول إليه؟ فليكن
تمت الرضاعة بالمباشرة وليس فيها فحشٌ ولا مخالفة لإنتفاء سبب الفحش وكلنا يجدُ ذلك في نفسِه وطبيعته وفطرته، ولو كان أخبثَ الناسِ وأشدَهم كفرا، فما بالنا بمن كان من أطهر الناسِ وأشدهم للهِ حُباً وأحفظِهم لكتابِ الله بل وصيٍّ على كتابِ الله أن يؤخذَ منه، وكان أصلاً مُحرماً على سهلةَ ـ رضيَّ اللهُ عنها ـ بالتبني وكان ابنها وعاش معها كلَ ما يعيش الإبنُ مع أمه.
وأن هذه الرخصة هي في وقوعِ التحريمِ مع الكبرِ مع أن الرضاعة َمن المجاعةِ وما كان قبلَ الحولين.
وأنه بعد أن تمّ الدينُ واكتملت النعمة ُ فلا مجالَ لتكرارِ هذه الحالة التي كان التبني فيها مباحا ابتداءا.
ولم تزدنا هذه الروايةُ في كتب الصحاح إلا حباً لهم، وتوقيراً لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وإعظاما وإخباتاً إلى ربنا جل وعلا.
والحمد لله رب العالمين هو الولي ونعم النصير، وليبق الضالون والحاقدونَ على كفرهم وضلالهم فالنارُ موعدهم أجمعين.
أستغفرُ اللهَ العظيمَ وأتوب إليه، وأؤمن به وأتوكل عليه، اللهم لك الحمدُ على ما كان من إصابةٍ، واغفر اللهم ما كان مني في خطأ ونسيان.
ـ[عبد الحليم الأثري]ــــــــ[24 - 09 - 07, 01:56 ص]ـ
رجاءٌ هامٌ من الأخ المشرف
فصل الكلمات في الآيات الكريمات حيث انتهت مدة التعديل الممنوحة لي
جزاك الله خيرا ونفع الله بك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 07, 02:23 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب ...
1 - استمعت أولا ً إلى كلام الشيخ أبي إسحاق.
2 - ثم قرأت رد أبي حمزة.
3 - ثم قرأت تعليقك.
وتلطفاً اسمع مني:
1 - لا داعي للكلام عن منزلة أبي حمزة في العلم ومكانه من أبي إسحاق فالأمر في الردود العلمية أهون من ذلك ولولا ذلك لانقطع باب الرد (وتأمل ما يأتي في ((3))).
2 - لا داعي للتلميح إلى بعض العبارات التي خانت أبا حمزة مادام أصل توقيره للشيخ ثابت.
3 - لولا مراعت النقطتين السابقتين لكان لنا شأن آخر مع بعض عبارات الشيخ -حفظه الله- في مناقشته لابن القيم في نهي الصحبة.
4 - بحث متعلقات المسألة أعم من بحث ما ينبغي للمجتهد مراعاته من متعلقات عند الكلام في المسألة فلا وجه لانتقادك على أبي حمزة.
5 - لمحت عبارات الهوى والاقتراب من الكفر وغيرها مما لا يليق بالردود العلمية .. وأنت أكبر منها.
ختاماً ... رأي عندي لم أبده قبل:
صورة الرضاع مما سكت عنه النص .. ولإن كانت اللغة تقتضي صورة ... فعمومات الشرع وكلياته من سد الذرائع ومنع كشف -فضلاً عن مس ومص- ثدي المرأة حتى للمحرم الثابت بيقين =تقتضي صورة
وما كان مرجحي الصورة الثانية أقل علماً باللغة ومعهود الخطاب ممن تفرد أو كاد بالصورة الأولى ...
والمسألة من المسائل الاجتهادية التي لم يظهرها النص ظهوراً كافياً وهو سبحانه أعلم بما يلزم بيانه مما لا يلزم بيانه ...
وليس من وراء الإفاضة فيها كبير عمل ... وإن كان فعمل المسلمين جلهم على الصورة الثانية ..
واسلم ودم بخير لمحبك/أبو فهر
ـ[السلامي]ــــــــ[24 - 09 - 07, 05:50 م]ـ
أحسنت أحسنت يا أبا فهر وهكذا تكون الحكمة وحسن المنطق .......
ـ[ابوهادي]ــــــــ[24 - 09 - 07, 06:25 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا فهر
اللهم احفظ الشيخ أبو إسحاق وزده هدى وتوفيقا واغفر لنا وله
¥