الفهم الخاطئ لمفهوم الرخصة في الشريعة و سوء الربط بين الشرع و معانيه التشريعية من جهة و بين الفطرة و ما يحترم منها و ما لا يحترم
الاضطراب الواضح لدى الشيخ في التعامل مع الأصول الفقهية
إلى آخر هذه التهجمات على الشيخ، وظن أنه أزهق قول الشيخ وأتى على بنيانه من القواعد!
وبديهي فإن هذا ـ إن جاء ممن في طبقة تلاميذ الشيخ ـ فهو بعيد عن أدب طلبة العلم.
ثانياً: من حيث الموضوع
والآن ندخل في الموضوع نفسه ونبين هل استحق الشيخ من الأخ كاتب المقال كل هذا الذي وصمه به؟ أم أنه لم يتبع الأسلوب العلمي الصحيح أيضاً من حيث الموضوع فكان كناطح صخرة يوماً ليوهنها!
(1) قال الكاتب:
الفصل الأول: عرض النقاط التي بنى عليها الشيخ الحويني تصورة للمسألة و التعليق عليها.
تتلخص النقاط فيما يلي:
1 - ينصب الشيخ الخلاف بناءا على أن الخلاف في المسألة ثابت و أن له الاجتهاد بحيث لا يأخذ بقول عالم كائن من كان إن كان يخالف ما لديه من فهم للدليل حيث قال: (طالما أن في المسألة قولان فأنا رجل مسبوق قال مثلا قائلون بقولي فطالما أن فيه تفصيل فالمسألة صارت مع من معه الدليل بغض النظر عن قول أي عالم كائن ٍ من كان , خلاص؟ يعني عند الاختلاف نتقارع بالأدلة). و سيرد التعليق على هذا في الفصل الثاني من هذا الرد.
فلما راجعت الفصل الثاني لم أجد رداً على ما وعد أن يرد عليه!
ولما كان بمقالته السابقة أوهم القارئ أن الشيخ زعم أنه مسبوق كذباً وبهتاناً، وأنه سيبين مخالفة هذا للواقع، فأنا أورد بعض أقوال العلماء التي تبين صحة ما قال الشيخ:
* قال ابن حزم في المحلى 10/ 7: وقد اختلف الناس في هذا فقال الليث بن سعد: لا يحرم السعوط لبن المرأة ولا يحرم أن يسقى الصبى لبن المرأة في الدواء لانه ليس برضاع انما الرضاع بامص من الثدى هذا نص قول الليث وهذا قولنا وهو قول أبى سليمان وأصحابنا
قلت (الفيومي): فثبت أنه قول ابن حزم، والليث بن سعد، وأبي سليمان.
قلت: قال الشافعي إن الليث أفقه من مالك ولكن أصحابه لم يقوموا به.
* وقال النووي في شرح مسلم:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرْضِعِيهِ)
قَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْر أَنْ يَمَسّ ثَدْيهَا وَلَا اِلْتَقَتْ بَشَرَتَاهُمَا، وَبِهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسُنَ، وَيَحْتَمِل أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مَسّه لِلْحَاجَةِ كَمَا خُصَّ بِالرَّضَاعَةِ مَعَ الْكِبَر وَاَللَّه أَعْلَم
قلت: فهذا النووي ـ وهو شافعي وليس ظاهرياً ـ يقول: " يحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة "
قلت: أفما وسع الكاتب ـ عفا الله عنه ـ ما وسع النووي؟ إذ يقول الكاتب:
التصور الغريب لدى الشيخ بأن الشريعة قد تأمر بالفحشاء بلا حاجة و لا ضرورة مثل مس الأجنبي ما تغيبه المرأة من جسدها حتى عن بعض محارمها
* قال ابن حجر في فتح الباري:
وَقَالَ اِبْن الرِّفْعَة يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز تَعَاطِي مَا يُحَصِّل الْحِلّ فِي الْمُسْتَقْبَل وَإِنْ كَانَ لَيْسَ حَلَالًا فِي الْحَال.قلت: لكن يظهر أن الأخ كاتب المقال يعتبر كل هؤلاء العلماء يتصورون أن الشريعة تأمر بالفحشاء!
(2) قال الكاتب:
و ذكر ابن عبد البر الاجماع على أن الحرمة تتحقق بشرب اللبن بلا التقام ثدي و لا مصه وهذا ما لا يخالف فيه الا أحمق معلوم الحمق
قلت: محل النزاع ليس كون الشرب يحرم من عدمه، بل محل النزاع هل يفهم من كلامه صلى الله عليه وسلم (أرضعيه) أن تلقمه ثديها، أم تعتصر اللبن في إناء ليشربه سالم؟
قلت: فهذا حشو لا داعي له. مع أن دعوى الاجماع ردت لكن ليس هذا موضع التفصيل.
(3) ويبدو أن الكاتب اعتاد أن يأتي بأقوال لا دخل لها بالموضوع محل الخلاف، إذ أسهب في الكلام على الظاهرية بعد أن اتهم الشيخ بالنزعة الظاهرية لمجرد أنه قال قولاً قاله ابن حزم وخالف هذا القول ما يعتقده الكاتب، ونجده تارة يرد على الشيخ، وتارة يرد بزعمه على أهل الظاهر في الأصول والفروع، ويبدو من مقالته أنه لا يعرف أصول الظاهرية فضلاً عن الأصول بصفة عامة.ولولا خشية الاطالة والخروج عن الموضوع الأصلي لرددنا على كلامه.
¥