تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وصرح الوزير نفسه: ''بتخصيص حصة الثلث فقط للمواد الشرعية والثلثين للغات الحديثة والقديمة والتاريخ والعلوم الفلسفية والأديان الأخرى '' والحال أن المفروض على الأقل هو قلب المعادلة بحيث تأخذ المواد الشرعية الثلثين والمواد الأخرى الثلث، ذلك لأن الحكم يعطى للشيء بحسب ما يغلب عليه، فكيف تسمى دار حديث أو مؤسسة شرعية ويغلب فيها تدريس مواد أخرى باسم الانفتاح والتواصل. الأمر الذي قد يوقع أيضا في الخروج عن مقاصد الوقف، حيث قال الواقف رحمه الله، وهو يحدد مقصده:'' لتكون مدرسة لنشر الحديث الشريف وإشعاع نور الإسلام، تحبيسا دائما مستمرا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها'' ومعلوم ما يختم به الواقفون عادة من عبارات من مثل:''لا يبدل عن حاله و لا يغير عن سبيله و من غير أو بدل فالله سائله و حسيبه و ولي الانتقام منه'' وما أدري كيف سيبرر غلبة العلوم الأخرى على العلوم الشرعية المباشرة، بأنه وفاء للوقف ومقاصده؟

وأمر آخر فيمن يباشر الإصلاح، ينبغي له أن يكون من الراسخين في المجال المراد إصلاحه. والحال أن الوزير نفسه صرح مرة أمام العلماء عندما استضافته جمعية علماء خريجي دار الحديث الحسنية يوم الأربعاء 3 مارس 4002 بالقول:'' إن هذا المقعد في الحقيقة يسمو عن أن يجلس فيه من ليس من أهله، ولكننا في الحقيقة إنما هي أقدار يقدرها من يوجب تأدبنا معه، أن نخضع لأمره،'' وقال أيضا مخاطبا الكاتب العام لجمعية العلماء ''طلبت مني أن أتحدث في بداية نشاط جمعيتكم، ولو كان لي أن أعتذر لفعلت تعظيما بقدر مقام هذه الجمعية وعلمائها، وجنوحا إلى الأدب المطلوب، لكوني شخصيا بعيد بعض البعد عن تخصصاتكم،'' وكان أدبا جما من الوزير، وحبذا لو أكمل تواضعه وأسند الإصلاح إلى أهله، ولم يغامر بتبني كل ما وضعه صديقه الأمريكي صاحب البضاعة المجزاة في علوم الشرع، حيث قال عنه في حواره بموقع الوزارة ''واتبع في تحضيره توجيهاتي في كل الجزئيات '' ولعل الوزير أول من يعلم ردود الأفعال التي كانت بخصوص فتوى الشيخ يوسف القرضاوي بحجة كونه لم يحل الأمر على أهل الدار، فكيف بمن أراد إحداث انقلاب في مناهج وبرامج تكوين العلماء؟

ثم إن ما ينسجم مع السنن المرعية هو المحافظة على أمانة مؤسس الدار أمير المومنين الحسن الثاني رحمه الله، بحيث يستوجب ذلك ألا يحشر في أمر دار الحديث وخصوصا في وضع مناهجها وتصور إصلاحها إلا من ساد الاطمئنان برسوخه في علوم الشرع وتمتعه بسلامة الاعتقاد والتوجه والمنهاج، حتى يتناسب مع ما جاء في الفصل الرابع من المرسوم الملكي المؤسس للدار:'' يسير المعهد مدير يختار من بين أساتذة التعليم العالي لجامعة القرويين أو من بين العلماء ذوي المعرفة الواسعة والدراية المستفيضة في العلوم الإسلامية''. وكما جاء أيضا في الخطاب الملكي المؤسس الذي حدد الهدف من إيجاد هذه المؤسسة والمتمثل في'' تكوين علماء راسخي القدم في الحديث النبوي الشريف وفي العلوم الشرعية عموما. وذلك استباقا للفراغ العلمي الذي يحدثه رحيل كبار العلماء، وإحساسا بحاجة المجتمع المغربي ومؤسسات الدولة إلى متخصصين أكفاء في العلوم الإسلامية.

وجاء في الظهير الملكي الأخير الصادر بتاريخ 81 رجب 6241 الموافق 42 غشت 5002 تحديد الهدف أيضا في:'' تكوين أجيال من العلماء القادرين على الاجتهاد وإعطاء الإسلام الحنيف صورته المشرقة''. وهل يكون اجتهاد بغير رسوخ في العلوم الشرعية؟ وأي وقت يبقى لمن أغرقناه في العبرية القديمة واليونانية القديمة واللاتينية والمنطق المنهجي والصوري والمسيحية واليهودية والهندوسية وتراجم القديسين وحياة بوذا وغيرهم، وعلم الأنتربلوجيا والعلوم الطبيعية وتتبع أحوال ''أمودريا'' في الجوانب الأدبية والتاريخية والفلسفية والسياسية والقانونية وجوانب الفن والهندسة المعمارية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير