تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: أن نتجنب الرقية الفاحصة. فهذه أول طريق الوهم (فينبغي تجنب طرق الأوهام، فإنها قد تجلب الآلام) ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn5)). فلا رقية إلا بعد حصول الشكوى وليس قبل ذلك كما يدل عليه حديث جبريل u حيث قال للنبي r : يا محمد اشتكيت؟ فقال r : « نعم». بعدها قال جبريل u : ( باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك) ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn6)) . وتكون هذه الرقية بنية الشفاء وحسب، إذ لم يثبت عنه r الأمر بالرقية لمعرفة طبيعة الشكوى.

ثالثا: أن نتأكد أولا أن ما بنا سحر بقطع كل الأسباب المحتملة للشكوى، فقد تكون هذه عضوية أو نفسية أو عقلية أو شيئا مركبا من هذه الأشياء، واعلم أن أصح التفاسير أبسطها، وأن ما يفسر بالمعلوم لا يفسر بالمجهول.

رابعا: لا بأس بتعاطي الأدوية التي يصفها لنا أهل الاختصاص.

خامسا: ثم يسعنا بعد ذلك ما وسع النبي r من الدعاء والرقية. وقد مر بنا كيف أن النبي r لما سحر احتجم أولا لظنه أن ما به r إنما هو عن علة طبيعية، فلما لم تجْدِ الحجامة لجأ r إلى الدعاء والرقية. (سلك النبي r في هذه القصة مسلكي التفويض وتعاطي الأسباب، ففي أول الأمر فوض وسلم لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه، ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعفه عن فنون عبادته، جنح إلى التداوي ثم إلى الدعاء. وكلّ من المقامين غاية في الكمال) ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn7)) . وهذا التقسيم غير عام بل مقيد بعدم الوقوع في الوهم، وإلا فما ذكر أخيرا حري أن يذكر أولا.

ومما يدل على بطلان هذه الفتوى:

1 - السحر حرام شرعا، وهو من الكبائر المقحّمات. والنبي r قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام» ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn8)) . وعن جابر t قال: سئل النبي r عن النشرة -أي حل السحر بمثله- فقال: «من عمل الشيطان» ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn9)) . أي من تزيينه ووسوسته. وعنه t عن النبي r قال: «هو من الشيطان» يعني النشرة ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn10)) . وفي إضافتها إلى الشيطان تغليظ لحرمتها، ذلك أن الشيطان شر محض لا يتصور أن يأتي منه خير مطلقا. وأنت لا تقول عن شيء إنه من الشيطان إلا إذا كان شره محضا أو غالبا. ومثل هذا يجتنب في كل حال، وليس في حال دون حال.

وقال النبي r : « إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء، فتداووْا ولا تداووْا بحرام» ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn11)) . ففي هذا النص الشريف تقييد التداوي بالحلال. ولْتعلم أيها القاريء اللبيب أن الداء إسم جامع لكل مرض أو عيب ظاهر أو باطن ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn12)). فلما قال النبي r : « لكل داء دواء» ونقل لفظ الداء من الأجسام إلى المعاني كما في قوله r : « دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد ... » عُلم أن الدواء إسم جامع لكل ما يشفي من مرض أو عيب ظاهر أو باطن. ذكرت هذا حتى لا يشغّب معترض بأن مقصود النبي r إنما هو في الأدوية المادية فقط. بل هو عام بما في ذلك أمراض السحر.

2 - حكم القرآن أن السحر لا نفع فيه في قول الله U : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} (البقرة-102). فقوله U : ( { وَلاَ يَنفَعُهُمْ} عطف على ما قبله للإيذان بأنه شر بحت وضرر محض، لا كبعض المضار المشوبة بنفع وضرر ... وفي الإتيان بـ (لا) إشارة إلى أنه غير نافع في الدارين، لأنه لا تعلق له بانتظام المعاش ولا المعاد. وفي الحكم بأنه ضار غير نافع تحذير بليغ - لمن ألقى السمع وهو شهيد - عن تعاطيه، وتحريض على التحرز عنه) ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn13)) .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير