10 - أما اللجوء إلى الساحر استنادا إلى قاعدة الضرورات، فلا ضرورة هنا لأن حصول الشفاء أمر مظنون وليس قطعيا، ولهذا امتنع قياسه على أكل الميتة للمضطر الجائع أو تناول الجرعة من الخمر للغاصّ ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn47)) . وإذا كانت الضرورة هي النازل مما لا مدفع له ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn48)) ، فلا ضرورة هنا لوجود مدفع للسحر في الرقى الشرعية، وتوفر البديل الحلال في الأدوية المباحة.
والقول بالضرورة ليس على إطلاقه، بل لا بد فيه من شروط منها أنها مقدرة بقدرها فكيف تقدر ههنا؟. هل يذهب إلى ساحر واحد فقط أم إلى أكثر من ساحر؟ فإن قيل: لا سبيل إلى تطبيقها هنا، كان هذا معارضة للنصوص بالقواعد وهو باطل. ومنها ألا يؤدي الأخذ بها إلى ارتكاب مفسدة أعظم منها، ولا ريب أن المفسدة هنا عظيمة، وقد تكون اقتراف الشرك –عياذا بالله- كالذبح للجن مثلا أو دعائهم.
11 - معلوم أن مدار الشريعة على المصالح والمفاسد وليس على المضار والمنافع، فبعض الأحكام في الشريعة فيها ضرر كالجهاد ولكن فيه مصالح جمة. وحرم القرآن الخمر والميسر وفيهما منافع، لكن مفاسدهما على الأبدان والأديان لا تحتاج إلى تقرير. وما يتردد من أن إتيان الساحر فيه مصلحة للمسحور غير دقيق، قد تكون منفعة شابتها -وهو غافل- مفسدة أعظم منها على دينه أو صحته. ولو تدبر المسلم عاقبة هذا الفعل لانتهى إلى ما سمع من النهي عن إتيان السحرة تحت أي غطاء، ومهما كان القائل به. فماذا لو داهمه ملك الموت وهو عند الساحر وختم له بالسوء؟، ماذا لو وكله الله U إلى هذا الساحر فأعرضت عنه الحفظة وتولته الشياطين؟. فلا يغتر المسلم بما قد يحصل له من الراحة بواسطة الساحر، فما أكثر ما يصادف السبب المحرم نزول القدر لحكمةٍ الله U يريدها، وقد دعا قوم الموتى وحصل مقصودهم، فهل يدل هذا مشروعية دعاء المقبورين؟. ونذر قوم عند الأصنام وتحقق مطلوبهم، وبمثل هذا عبدت الأصنام.
كما أن هذه الراحة النفسية عند التحقيق ناتجة عن قوة اعتقاد الشخص في هذا الساحر بأنه قادر على مساعدته وتخليصه من أزمته، فهو خط دفاعه الأخير. والذي زرع هذا الاعتقاد الركيك خرافة تقول: هناك سحر لا يفكه إلا ساحر!، وهي دعاية رخيصة للسحرة وأشباه السحرة. ثم وهْم أوحى إلى صاحبه أنه مسحور سحرا لا ينجع فيه كلام الله U . ثم "فتوى" بائسة تقول: لا بأس بحل السحر بسحر مثله!. والله أعلم.
ونختم بكلام علمي هو من صميم الفقه ومتينه: (التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه في هذه المسألة، أن استخراج السحر إن كان بالقرآن كالمعوذتين وآية الكرسي ونحو ذلك مما تجوز الرقيا به، فلا مانع من ذلك. وإن كان بسحر أو بألفاظ عجمية أو بما لا يفهم معناه أو بنوع آخر مما لا يجوز، فإنه ممنوع. وهذا واضح وهو الصواب إن شاء الله تعالى) ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn49)) .
أبو ياسر المغربي
([1]) مسند البزار 5/ 256.
([2]) الحاوي للسيوطي 1/ 230.
([3]) زاد المعاد 4/ 157.
([4]) الفوائد 175.
([5]) كما قال القرطبي. عن فيض القدير 6/ 434.
([6]) صحيح مسلم 4/ 1718. الرقية إذا كانت قبل ذلك للتحصين فلا بأس كما دلت عليه السنة.
([7]) الفتح10/ 228. سحر النبي r ثابت بالحديث الصحيح من طريق عائشة وزيد بن أرقم. وجاز عليه rالسحر رغم كونه معصوما لأن العصمة لا تنفي المحنة.
([8]) صحيح ابن حبان 4/ 233.
([9]) مسند أحمد 3/ 294.
([10]) التاريخ الكبير 7/ 53.
([11]) سنن أبي داود 4/ 7.
([12]) اللسان (1/ 79)
([13]) تفسير الألوسي 1/ 733.
([14]) هو قول لعروة بن الزبير وليس حديثا.
([15]) مصنف ابن أبي شيبة 7/ 79.
([16]) صحيح البخاري 5/ 2175.
([17]) صحيح مسلم 4/ 1727.
([18]) مسند أحمد 3/ 382.
([19]) التمهيد لابن عبد البر 6/ 244.
([20]) الفتح (10/ 234).
([21]) مصنف ابن أبي شيبة 5/ 41.
([22]) الفتح 10/ 233.
([23]) تفسير القرطبي 10/ 318.
([24]) شرح النووي على مسلم 14/ 170.
([25]) صحيح مسلم 1/ 198.
([26]) مصنف ابن أبي شيبة 5/ 41.
¥