أن الدم إذا لم يسل علم أنه دم العضو وقد انتقل عن العروق، وانفصل عن النجاسات، وحصل له هضم آخر في الأعضاء، وصار مستعداً لأن يصير عضواً فأخذ طبيعة العضو، فأعطاه الشرع حكمه، فيكون طاهرا، بخلاف دم العروق، فإذا سال عن رأس الجرح علم أنه دم انتقل من العروق في هذه الساعة وهو الدم النجس، وهذه حكمة غامضة بني عليها التفريق بين الدم المسفوح وبين الدم غير المسفوح. [51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn51)
إعتراض:
إن التفريق بين الدم المسفوح والدم غير المسفوح في حكم النجاسة فيه تناقض، فإذا كان القليل منه طاهرا، فإن الكثير أيضاً طاهر، لأن تركيب الدم لا يختلف بين
القلة والكثرة.
أدلة أصحاب القول الثالث:
الدليل الأول:
أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لما دخل عليه المسور بن مخرمة [52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn52) من الليلة التي طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح، فقال عمر: نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر وجرحه يثعب [53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn53) دماً) [54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn54)
وجه الاستدلال:
أن عمر رضي الله عنه صلى وجرحه يثعب دما، فهذا دليل على أن الدم ليس نجسا.
اعتراض:
صلاة عمر رضي الله عنه وجرحه يثعب دماً يقاس على من به سلس البول فلا يمكن أن يصلي إلا وهو في تلك الحالة، فيكون من باب الضرورة.
الجواب:
أن دعوى الضرورة لا يسلم بها، لأن أفعال الصحابة عموما لا تحمل على الضرورة،
لأنه بإمكان الواحد منهم أن يعصب جرحه ويصلي.
الدليل الثاني:
ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع [55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn55) فرمي رجل بسهم فنزفه [56] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn56) الدم فركع وسجد ومضى في صلاته) [57] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn57)
وجه الاستدلال:
لو كان الدم نجساً لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن خطأ فعله، ولنبه على بطلان صلاته. [58] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn58)
إعتراض:
حديث جابر رضي الله عنه ضعيف: فقد رواه البخاري معلقا بصيغة التمريض [59] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn59)، ولأن فيه محمد بن إسحاق، قال عنه الحافظ بن حجر: صدوق يدلس. أ هـ[60] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn60)، وفيه عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال عنه الذهبي: فيه جهالة ما روى عنه غير صدقة بن يسار. أ هـ[61] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn61).
الجواب:
هذا الحديث روي موصولا وهو صحيح [62] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn62) ، فقد أخرجه أبو داود في سننه [63] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn63)، وابن حبان في صحيحه [64] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn64) ، والحاكم في مستدركه [65] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn65) ، وصححه ابن خزيمة في صحيحه [66] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn66) ، وأحمد في
مسنده [67] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn67) والدارقطني في سننه [68] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn68)
الدليل الثالث:
¥