[نعم ... نحن ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[06 - 11 - 07, 09:56 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
وبعد:
فقد لاحظت أن كثيرا من أعداء الحق يتهمون المسلمين بأنهم يقولون عن أنفسهم "نحن أصحاب الحقيقة المطلقة ومذاهب مخالفينا باطل وزور .. "وقد يجد المسلم حرجا في نفسه، وضيقا من تشنيع خصمه، فيستعظم أن يكون وحده على حق وملايير الناس على باطل ... وقد يتلكأ أو يتنازل بعض تنازل وفي ذلك هلاكه قطعا ..
نعم ..
ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!
قال الحق جل وعلا:
{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} يونس32
وقال أهل الأهواء بمختلف صنوفهم:
"لا يحق لأحد أو لجماعة أن تدعي امتلاكها للحقيقة المطلقة"
هذا هو سلاحهم الجديد الذي يشهرونه،تلوكه ألسنتهم وقد جاؤوا من شتى النحل:
-فمنهم فلول البلشفية/ الماركسية/الداروينية الذين كانوا نظريا يعتقدون الجدل والتطور فلا شيء يثبت على حال ولا حقيقة تستقر،أقول "نظريا" لأنهم عمليا كانوا من أكثر الناس جمودا على عقيدتهم .. فالماركسية هي العلم الذي لا علم غيرها، وتفسيرهم للتاريخ هو التفسيرالذي لا يعول إلا عليه، وكل ما عدا ذلك اديولوجية وفكر بورجوازي .. وقد بلوناهم قديما في الحوار فكان" المناضل" منهم يكتفي بوصف فكرة خصمه بأنها امبريالية ورجعية وينهي الحوار منتفشا كالطاووس!.
-ومنهم حشود المتأمركين/البراجماتيين/البرلمانيين .. وهؤلاء في خاصتهم أبعد الناس عن نسبية المعرفة رغم صراخهم بها وإلا أي تفسير يعطى لمذهبهم عن نهاية التاريخ، وأي مسوغ يقدم لسعيهم لإدخال "نمط العيش الأمريكي"في كل ركن من أركان المعمور، ويحاربون بلا هوادة كل من تسول له نفسه أن يعيش على نحو مغاير، وقد يقصفون شعبا بعيدا عنهم بآلاف الأميال لا لشيء إلا لأنه لا يحب لبس "الجينز "ولا الذهاب إلى السينما،ولا الوقوف كل صباح أمام المرآة ليحلق ذقنه!!
يقصفونهم بلا رحمة ويقولون هؤلاء يدعون امتلاك الحقيقة المطلقة فلا مكان لهم في عصرنا!!
-ومنهم الشذوذيون/الشهوانيون/الكلبيون.
وهؤلاء لا علاقة لهم بفكر أو فلسفة وإنما مصلحتهم في اضطراب المعايير وتمييع الموازين حتى لا ينكر على واحد منهم شذوذا ولا انحرافا .. ويصرخ في وجهك:الشذوذ هو عن قاعدة،والقواعد نسبية متعددة فلماذا تصفني بالشذوذ!!
-ومنهم غيرهم ...
{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} يونس32
الآية تدحض مزاعمهم في نسبية الحقيقة بصورة حجاجية منيفة لا يعارضها إلا مكابر:
اشتملت الآية على أمرين:
-التنبيه على وجود حقيقة واحدة أجمع عليها العقلاء إلا من كابر منهم.
-تكذيب مذهب " نسبية المعرفة" نهائيا ودحضه استنادا على ما شهد به الخصم قبل قليل ... فإما أن يتناقض مدعي النسبية و إما أن يتخلى عن باطله ...
بيان ذلك:
صاحب مذهب النسبية يدعي أنه لا حقيقة مطلقة أبدا وكل حقيقة هي بالضرورة تاريخية، يعني تنشأ لظروف ثم تختفي لظروف أخرى،ولا يمكن للحقيقة أن تخرج عن التاريخ فتكون حقيقة في كل زمان ومكان ... هذا المذهب شبيه ببيت العنكبوت فحصاة صغيرة تخربه .. يكفي أن نبرهن له عن وجود حقيقة واحدة مطلقة ليصبح مذهبه متهافتا ..
فيقال لبعض الإسلاميين الذين يقولون بنسبية المعرفة: هل الله حق أم باطل؟ أم هو حق من وجه وباطل من وجه؟ أم هوحق في عصر وباطل في عصر آخر؟
الجواب على السؤال حاسم جدا:
فلا فرصة للتلاعب بالأفكار أو العبث بالكلمات.
هو الكفر أو الإسلام ولا جواب غير ذلك أبدا ...
فإن أقر أن الله حق، وأن عبادته حق في السماء والأرض، وفي الماضي والمستقبل فقد أقر بوجود حقيقة مطلقة وانهار مذهبه لأنه لا يمكن أن يجمع في مذهبه بين الثبات والتغير ..
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ...
القرآن ينفي "المنطقة الرمادية"ويؤسس ثنائية حادة: إما حق وإما باطل ... أما شيء حق وباطل في آن واحد، أو لا حق ولا باطل فهذا لا يوجد ..
أقول لا يوجد احترازا من الظهور ... فقد يظهرللمرء الشيء حقا وباطلا في آن واحد، وهذا ما يسمى بالاشتباه وليس معدودا من نسبية المعرفة في شيء ... ولسان حال المرء يقول:
نعم اختلط علي الحق والباطل ولكن بالتأكيد هنا حق أو باطل عرفه من عرفه وجهله من جهله ...
خلاصة المسألة:
-الحقائق مطلقة مثل وجود الله واستحقاقه للعبادة ووجود نفس من يقول بالنسبية.-من المضحك جدا أن يدعي النسبي أنه هو نفسه نسبي لأنه عندما قال"أنا"فقد جعل كل ما عداه لا-أنا فكيف تجوز النسبية هنا! -
-وجود الحقائق لا يعني معرفتها فقد يخفيها اتباع الهوى أو كسل الذهن أو تقليد الآباء أو دقة الحقيقة في ذاتها ... واختلاف الناس فيها خطأ حقا، ولا ينبغي اتخاذ هذا الخطأ مذهبا يأتي على الأخضر واليابس فنزعم أن تعدد أخطاء الناس دليل على تعدد الحقيقة نفسها ...
ولنتذكر دائما الجغرافية المعرفية القرآنية: إما أن تكون في إقليم الحق أو في أقاليم الباطل.
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ..
هذه أيضا حقيقة مطلقة!
قضي الأمر إلى الأبد.!!
¥