داخل المسجد (وقيل يكفي مرور بلا لُبث) كالوقوف بعرف (وقيل يشترط مكث نحو يوم) أي قريب منه فلا يصح دون ذلك للقربة لأن من عادة الناس أن يمكثوا في المسجد مدة يقرأون ويذكرون وعلى الصحيح أنه لو نذر اعتكاف ساعة صح نذره (ويبطل بالجماع) لقوله تعالى: [ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد] البقرة:187 وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس "إذا جامع المعتف بطل اعتكافه".
(وأظهر الأقوال أن المباشرة بشهوة كلمس وقبله تبطله إذا أنزل وإلا فلا) تبطله كالصوم (ولو جامع ناسياً) أنه في اعتكاف (فكجماع الصائم) فلا يضر. (ولا يضر التطيب والتزين) ولا الأكل ولا الشرب ولا كتابة العلم وإن كثرت ولا الصنعة ما لم تكثر والأولى الذكر ومذاكرة العلم ودراسة الحديث وقراءة الرقائق.
(و) لا يضر (الفطر بل يصح اعتكاف الليل وحده) فقد روى الحاكم وصححه عن أنس "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه".
(ولو نذر اعتكاف يوم هو فيه صائم) بأن قال لله عليَّ أن اعتكف يوماً وأنا فيه صائم أو التزمه ينذر فيلزمه اعتكاف يوم كامل وهو صائم فيدخل المسجد من أول النهار ولا يخرج منه إلا بعد الغروب ولا يضر أن يكون اليوم من رمضان لأن الأصل الاعتكاف والصوم صفة له.
(ولو نذر أن يعتكف صائماً أو يصوم معتكفاً لزماه) ومعنى لزماه أي الاعتكاف والصوم (والأصح وجوب جمعهما) لما بينهمام من مناسبة ولأن الصوم من مندوبات الاعتكاف أما إذا قال أن اعتكف يوم العيد صائماً فقد وجب اعتكافه ولغا قوله صائماً.
(ويشترط نية الاعتكاف) لانه عبادة (وينوي في النذر الفرضية) وجوباً وإن أطلق كفته نية (هذه من غير ذكر الفرضية) أو لو نوى نفلاً مطلقاً من غير قيد يميزه كفاه أيضاً (وإن طال مكثه لكن لو خرج وعاد احتاج إلى الاستئناف) أي إذا خرج من المسجد وعاد إليه احتاج إلى نية اعتكاف جديدة لأن خروجه قطع الاعتكاف.
(ولو نوى مدة فخرج فيها وعاد فإن خرج لغير قضاء الحاجة لزمه الاستئناف أولها فلا) أي إذا نوى اعتكافاً مدته يوم أو أسبوع وخرج لحاجته فلا ينقطع اعتكافه أما إذا خرج لغير حاجته التي لابد منها فعليه استئناف نية جديدة ومدة جديدة.
(وقيل إن طالت مدة خروجه استأنف) النية لتعذر البناء بخلاف إذا لم تطل وسواء الحاجة وغيرها (وقيل لا يستأنف مطلقاً) لأنه بعودته إلى معتكفه فهو عائد إلى ما نواه ابتداءً (ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع) كالأكل وقضاء الحاجة وعاد (لم يجب استئناف النية) عند العود لشمول النية جميع المدة.
(وقيل إن خرج لغير الحاجة وغسل الجنابة وجب) استئناف النية لخروجه عن العبادة بما يستطيع الاستغناء عنه كالأكل والشرب والأذان.
(وشرط المعتكف الإسلام والعقل) فلا يصح من كافر ولا مجنون ولا سكران إذ لا نية لهم (والنقاء عن الحيض والجنابة) لحرمة المكث في المسجد حينئذٍ.
(ولو ارتد المعتكف أو سكر بطل) اعتكافه زمن الردة والسكر (والمذهب بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابع) لأن الخروج من المسجد يقطع التتابع والردة والسكر أشد منه.
(ولو طرأ جنون أو إغماء لم يبطل ما مضى) من اعتكافه (إن لم يُخْرَج) لأنه معذور بما عرض له وكذا إن أُخرج حفظاً للمسجد لعذره كالمكره (ويحسب زمن الإغماء من الاعتكاف) كالنوم (دون الجنون) لعدم صحة العبادة البدنية من المجنون.
(أو الحيض وجب الخروج) لتحريم المكث في المسجد (وكذا الجنابة إذا تعذر الغسل في المسجد) لحرمة المكث في المسجد (فلو أمكن) الغسل فيه (جاز الخروج ولا يلزمه) بل يجوز فعله في المسجد مراعاً للتتابع أما إذا كان عليه نجاسة كأن كان مستجمرا ًبحجر وجب الخروج من المسجد لحرمة إزالة النجاسة فيه (ولا يحسب زمن الحيض ولا الجنابة) إذا بقيا في المسجد لضرورة لمنافاة ذلك للاعتكاف.
فصل في الاعتكاف المنذور المتتابع
(إذا نذر مدة متتابعة) كأن نذر اعتكاف خمسة أيام متتابعة (لزمه) التتابع وفي مدة التتابع تلزمه اعتكاف الليالي التي بين الأيام (والصحيح أنه لا يجب التتابع بلا شرط) لأن مطلق الزمن كأسبوع أو شهر صادق بالمتفرق كما هو صادق بالمتتابع (و) الصحيح (أنه لو نذر يوماً لم يجز تفريق ساعاته) لأنه المفهوم من اللفظ فيلزمه الدخول قبل الفجر ويخرج منه بعد الغروب.
¥