(ويشترط ألا يطول الفصل بين الفظيهما) أو بين إشارتيهما أو بين كتابتيهما فوجب لانعقاد البيع أن لا يتخلل الكلام أو الكتابة كلام أجنبي عن العقد أو سكوت طويل أو نوم ولا يضر اليسير إلا من مريد إفساد العقد ولو باع من غائب كأن قال بعت داري لفلان بكذا فقال حين بلغه الخبر قبلت أو ما في معناها صح البيع ومثله لو كاتبه فقبل كما يصح البيع ونحوه من المعاملات بالأعجمية مع قدرة الطرفين على العربية بلا خلاف وفي النكاح يصح مع مخالفة الأَوْلَى لوجود معنى العبادة في النكاح ويشترط في صحة البيع أن لا يكون معلقاً بما لا يقتضيه العقد أو فيه مصلحة للعقد فإذا قال بعتك إذا جاء زيد لم يصح أما لو قال بعتك بشرط قبولك أو بعتك بشرط الكفيل أو بعتك بشرط أن يراه فلان (وأن يقبل على وفق الإيجاب) من جنس كأن يقول بعتك البُرَ فيقول اشتريت الشعير أو صفة كأن يقول بدينار فيقول اشتريت بريال أو نوع وكأن يقول بعتك السيارة فيقول اشتريت الدار فكل هذه البيوع باطلة.
(فلو قال بعتك بألف مكسرة فقال قبلت بألف صحيحة لم يصح) وكذا عكسه أو قال حالّة قال مؤجلة أو قال إلى سنة فقال إلى سنتين لم يصح البيع لأنه غير الذي خوطب به فاختلف المعنى.
(وإشارة الأخرس بالعقد كالنطق) به من غير الأخرس على أن تكون الإشارة مفهمة وكتابته مثل إشارته وكذا بالحلف والنذر أما إذا كانت غير مفهمة إلا لنوع معين من الناس فهي كالكناية (وشرط العاقد الرشد) سواء البائع أو المشتري والرشد أن يبلغ مصلحاً لدينه بأن لا يفعل محرماً يبطل العدالة من فعل الفواحش والمعاصي ومصلحاً لماله بأن لا ينفقه في حرام أو يرميه في بحر أو يحرقه أو يشتري به ما لا ينفع له فيه. وألا يكون محجوراً عليه بسفه أو فلس فيما يضيع المال.
(قلت وعدم الإكراه بغير حق) فلا يصح عقد المكره لعدم الرضا أما الإكراه بحق فجائز كأن وجب عليه أداء دين أو نفقة زوجة ولا أثر لقول المكره إنه بغير حق إلا في الصلاة فإن تكلم فيها بطلت ولا لفعله إلا في الرضاع والحدث والتحول عن القبلة وترك القيام في الفريضة مع القدرة والإكراه على القتل.
(ولا يصح شراء الكافر المصحف) لنفسه أو لغيره كله أو بعضه ولا أن يمتلكه بسلم أو هبة أو وصية لما في ذلك من الإهانة والاستهزاء ولا يسلم المصحف إلى الكافر لأنه لا أمانة له ولأن فيه إهانة للمصحف أما لو رُجِيَ إسلامه فيمكّن من القراءة أما تملكهم العملة التي عليها آيات أو أحاديث فقيل يسامح في ذلك للحاجة.
(و) لا يصح شراء الكافر العبدَ (المسلم) لنفسه ولا لأحد من ملته لما في ذلك من إذلال للمسلم وامتهان لكرامته قال تعالى: [ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً] النساء:141 (إلا أن يعتق عليه فيصح) كأن كان أباً له أو ابناً أو إذا قال للمسلم اعتق عبدك عني بكذا أو إذا أقر بحرية عبد (في الأصح) لإنتفاء الإذلال في هذه الصور حيث يعتق وجوباً فلا يوجد إذلال وللكافر استئجار العبد المسلم ولو إجارة عين وقد أجر عليٌّ نفسه لكافر قال الزركشي بشرط ألا تكون الأعمال ممتهنة.
(ولا الحربي سلاحاً والله أعلم) لأنه يستعين به على قتالنا والمقصود بالسلاح كلُّ آلة الحرب كسيف وترس ورمح وفرس وسفينة وطائرة واجهزة مراقبة ورصد وأجهزة تنصت وسوءا في ذلك الفرد أو الجماعة.
(وللمبيع شروط) خمسة أحدها.
(طهارة عينه فلا يصح بيع الكلب والخمر) وغيرهما من نجس العين فقدروى الشيخان عن جابر أن رسول الله (ص) حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. وزاد أبو داود في روايته عن ابن عباس "وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" وروى الشيخان عن حديث أبي مسعود البدري أنه (ص) "نهى عن ثمن الكلب" والمعنى في هذه المذكورات نجاسة عينها فألحق بها باقي نجس العين.
(والمتنجس الذي لا يمكن تطهيره) لأنه في معنى نجس العين (كالخل واللبن وكذا الدهن) كالزيت والسمن ومثله الدبس وسائر المائعات (في الأصح) إلا إذا كان جامداً فقد روى ابن حبان في صحيحة عن أبي هريرة أنه (ص) سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال "إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان ذائباً فأريقوه" فلو أمكن تطهير الموائع لما أمر بإراقته لأن ذلك تضيع للمال.
¥