(وإنه لو شرط مع العتق الولاء له) أي للبائع لم يصح البيع لمخالفة الشرط لما استقر عليه الشرع من أن الولاء لمن اعتق لما روى الشيخان عن عائشة في حديث بريرة "خذيها واشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن اعتق" أي لا معنى للشرط (أو شرط تدبيره أو كتابته أو اعتاقه بعد شهر) مثلاً (لم يصح البيع) لأنه بيع وشرط ولم يظهر في التدبير أو الكتابة أو العتق ما تشوف إليه الشارع من العتق المنجز.
(ولو شرط مقتضى العقد كالقبض والرد بعيب) لم يضر الشرط فهو تصريح بما أوجبه الشارع (أو ما لا غرض فيه كشرط أن لا يأكل إلا كذا) أو لا يلبس إلا كذا (صح) البيع ولغا الشرط لخبر الشيخين في حديث عائشة قالت: ثم قام رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاءُ الله أحقُ وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق".
(ولو شرط وصفاً يُقْصَدُ ككون العبد كاتباً أو الدابة حاملاً أو لبوناً صح) الشرط مع العقد لأنه شرط يتعلق بمصلحة العقد وهو العلم بصفات المبيع التي تختلف بها الأغراض ولأنه التزم موجوداً عند العقد ولا يتوقف التزامه على إنشاء أمر مستقبل فلابد يدخل في النهي عن بيع وشرط وإنما سمي شرطاً تجوزاً فإن الشرط لا يكون إلا مستقبلاً ويكفي في الصفة المشروطة ما يطلق عليه الاسم (وله الخيار إن أخلف) أي للمشتري الخيار على الفور إن أخلف الشرط الذي شرطه (وفي قول يبطل العقد في الدابة) إن شرط فيها ما ذكر لأنه مجهول أما اختبار الكتابة ممكن معرفته قبل الشراء وكذلك حسن الخط وإجادة الصنعة وغير ذلك.
(ولو قال بعتُكَهَا وحملها) أو مع حملها (بطل في الأصح) لأن ما لا يصح بيعه وحده وهو هنا الحمل لا يصح مقصوداً مع غيره ومثله قوله بعتكها ولبنها لجعل اللبن المجهول مبيعاً مع المعلوم بخلاف بيعها بشرط الحمل أو حلوباً لكون الحمل والحلب وصفاً للمبيع (ولا يصح بيع الحمل وحده) لبطلان بيع الملاقيح فهو غير معلوم ولا مقدور عليه (ولا الحامل دونه) لتعذر استثنائه لأنه كالعضو من أمه (ولا الحامل بحر) لأن الحر لا يباع فهو مستثنى شرعاً والاستثناء الشرعي كالاستثناء الحسي أي في وجه تباع الحامل ويكون الحر مستثنى (ولو باع حاملاً مطلقاً) من غير ذكر حمل معها ولا نفيه (دخل الحمل في البيع) تبعاً لها.
فصل في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها
(ومن المنهي عنه ما لا يبطل) أي لا يبطل النهيُ عنه البيعَ بخلافه فيما تقدم حيث يَبْطَلُ البيعُ لرجوعه أي لرجوع النهي (إلى معنى يقترن به) أي ليس النهي عن البيع بل لأمر آخر كالتضييق والإيذاء والتغرير (كبيع حاضر لباد بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلديٌ اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى) من بيعه حالاً وذلك لأخبار منها:
- روى مسلم عن جابر أن النبي (ص) قال: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض.
- وروى الشيخان عن أبي هريرة "لا يبيع حاضرٌ لباد".
- ومثله عند مسلم عن أبي الزبير "لا يبيع حاضر لباد".
- وروى الشيخان عن ابن عباس "نهى رسول الله (ص) أن تُتَلقى الركبان وأن يبيع حاضر لبادٍ"
فبيع الحاضر للباد يؤدي غالباً إلى التضييق على الناس خاصة إذا كان المتاع مما تعمُ الحاجة إليه كالأطعمة وأما إذا كان المتاع مما لا تعم الحاجة إليه فلا يدخل في النهي وكذلك إذا جاء البائع ليبيع بسعر اليوم فإن هذا يضييق على الناس أما إذا جاء ليبيع على التدريج أو ليضعه أصلاً عند من يبيعه له على التدريج فلا بأس بالبيع إن طلب البلديُ تفويضَ البيع على التدريج إليه والنهي للتحريم ويصحُ البيعُ لتكامل شروطه وأركانه ويأثمُ البلديُ دون البدويُ.
¥