(ولو شرط وصفاً يُقْصَدُ ككون العبد كاتباً أو الدابة حاملاً أو لبوناً صح) الشرط مع العقد لأنه شرط يتعلق بمصلحة العقد وهو العلم بصفات المبيع التي تختلف بها الأغراض ولأنه التزم موجوداً عند العقد ولا يتوقف التزامه على إنشاء أمر مستقبل فلابد يدخل في النهي عن بيع وشرط وإنما سمي شرطاً تجوزاً فإن الشرط لا يكون إلا مستقبلاً ويكفي في الصفة المشروطة ما يطلق عليه الاسم (وله الخيار إن أخلف) أي للمشتري الخيار على الفور إن أخلف الشرط الذي شرطه (وفي قول يبطل العقد في الدابة) إن شرط فيها ما ذكر لأنه مجهول أما اختبار الكتابة ممكن معرفته قبل الشراء وكذلك حسن الخط وإجادة الصنعة وغير ذلك.
(ولو قال بعتُكَهَا وحملها) أو مع حملها (بطل في الأصح) لأن ما لا يصح بيعه وحده وهو هنا الحمل لا يصح مقصوداً مع غيره ومثله قوله بعتكها ولبنها لجعل اللبن المجهول مبيعاً مع المعلوم بخلاف بيعها بشرط الحمل أو حلوباً لكون الحمل والحلب وصفاً للمبيع (ولا يصح بيع الحمل وحده) لبطلان بيع الملاقيح فهو غير معلوم ولا مقدور عليه (ولا الحامل دونه) لتعذر استثنائه لأنه كالعضو من أمه (ولا الحامل بحر) لأن الحر لا يباع فهو مستثنى شرعاً والاستثناء الشرعي كالاستثناء الحسي أي في وجه تباع الحامل ويكون الحر مستثنى (ولو باع حاملاً مطلقاً) من غير ذكر حمل معها ولا نفيه (دخل الحمل في البيع) تبعاً لها.
فصل في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها
(ومن المنهي عنه ما لا يبطل) أي لا يبطل النهيُ عنه البيعَ بخلافه فيما تقدم حيث يَبْطَلُ البيعُ لرجوعه أي لرجوع النهي (إلى معنى يقترن به) أي ليس النهي عن البيع بل لأمر آخر كالتضييق والإيذاء والتغرير (كبيع حاضر لباد بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلديٌ اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى) من بيعه حالاً وذلك لأخبار منها:
- روى مسلم عن جابر أن النبي (ص) قال: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض.
- وروى الشيخان عن أبي هريرة "لا يبيع حاضرٌ لباد".
- ومثله عند مسلم عن أبي الزبير "لا يبيع حاضر لباد".
- وروى الشيخان عن ابن عباس "نهى رسول الله (ص) أن تُتَلقى الركبان وأن يبيع حاضر لبادٍ"
فبيع الحاضر للباد يؤدي غالباً إلى التضييق على الناس خاصة إذا كان المتاع مما تعمُ الحاجة إليه كالأطعمة وأما إذا كان المتاع مما لا تعم الحاجة إليه فلا يدخل في النهي وكذلك إذا جاء البائع ليبيع بسعر اليوم فإن هذا يضييق على الناس أما إذا جاء ليبيع على التدريج أو ليضعه أصلاً عند من يبيعه له على التدريج فلا بأس بالبيع إن طلب البلديُ تفويضَ البيع على التدريج إليه والنهي للتحريم ويصحُ البيعُ لتكامل شروطه وأركانه ويأثمُ البلديُ دون البدويُ.
(وتلقى الركبان بأن يتلقى طائفةً يحملون متاعاً إلى البلد فيشتريه قبل قدومهم ومعرفتهم بالسعر ولهم الخيار إذا عرفوا الغبن) فقد روى الشيخان: عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: "لا تتلقوا الركبان للبيع" وزاد مسلم فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يَقْدُمَ السوقَ والعلة في المنع مقصود فيه مصلحة الجالب فلو هبط السوق وتبين له أنه قد غُبِنَ في السعر ولو غَبْناً يسيراً فهو بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أمضاه وليس له الفسخ إلا إذا تبين أنه مغبون ولو كان البيع باطلاً لما جعل النبي (ص) الخيار فيه لأن الخيار لا يكون إلا في بيع صحيح. وحيث ثبت لهم الخيار فهو على الفور أما تلقى الركبان لبيعهم ما يقصدون شراءه من البلد فلا شيء فيه إذا كان برغبتهم وطلبهم لتحقق شروطه ولعدم المانع الشرعي.
(والسوم على سوم أخيه) فقد روى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي قال: "لا يسوم الرجل على سوم أخيه" وروى الشيخان عن ابن عمر "لا يبع بعضكم على بيع بعض" وهو خبر بمعنى النهي فيأثم فاعله إذا ان عالماً به (وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن) بأن يصرحا بالتوافق على ثمن معين فيأتي ثالث فيقول لمن أخذ شيئاً ليشتريه ردّهُ حتى أبيعك خيراً منه بهذا الثمن أو مثله أو خيراً منه بأقل أو يقول لمالكه استرده لاشترَيهُ منك بأكثر مما بعت فلو باع أو اشترى صح البيع لأن التراضي صريح أما إذا لم يصرحا بالبيع أو سكت أحدهما أو كلاهما فإن السوم لا يحرم وأكثر المبيع إنما يكون بالمساومة. فقد روى أحمد وأبو
¥